وصلت المفاوضات النووية بين النظام الإيراني والقوى الدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، إلى مرحلة حاسمة تكشف عن أزمة عميقة يواجهها النظام. فيما تتزايد الضغوط الدولية عبر بيانات حاسمة، يحاول قادة النظام الحفاظ على مواقفهم المعلنة في محاولة يائسة للخروج من هذا المأزق. التطورات الأخيرة، بما فيها بيانات مجموعة السبع والدول الغربية، أظهرت عجز النظام عن الوفاء بالتزاماته، مما يضعه على شفا الانهيار. وفي خضم هذه الأزمة، تبرز المقاومة الإيرانية المنظمة كعامل حاسم في رسم ملامح مستقبل هذه المفاوضات ومصير النظام.
بيان مجموعة السبع: تحذير صريح للنظام الإيراني
في اليوم الأخير من اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع (G7) في كندا، صدر بيان مشترك يوم الجمعة 24 مارس 2025، أكد أن على النظام الإيراني ألا يمتلك سلاحًا نوويًا تحت أي ظرف. وصف البيان النظام بأنه المصدر الرئيسي لعدم الاستقرار في المنطقة، مشددًا على ضرورة منعه من تطوير أو الحصول على أسلحة نووية. دعا وزراء خارجية الولايات المتحدة، كندا، المملكة المتحدة، فرنسا، إيطاليا، اليابان، ألمانيا، إلى جانب مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إيران إلى تغيير سياساتها العامة، تخفيف التوترات، واتباع مسار الدبلوماسية. كما أشار البيان إلى التهديد الناجم عن الاعتقالات التعسفية ومحاولات النظام لاغتيال المعارضين، مما يعكس أن القلق الدولي يتجاوز القضية النووية ليشمل سلوك النظام الشامل في المنطقة والعالم.
بيان رباعي: كشف انتهاكات النظام ومأزقه
نشرت بعثة الولايات المتحدة في فيينا يوم الأربعاء 15 مارس 2025 بيانًا رباعيًا مشتركًا للولايات المتحدة، فرنسا، المملكة المتحدة، وألمانيا، انتقد فيه تاريخ النظام الإيراني الطويل في عدم التعاون مع المجتمع الدولي والوكالة الدولية للطاقة الذرية. أعرب البيان عن "الأسف العميق" لرفض إيران تقديم تفسيرات حول المواد النووية المكتشفة في مواقع غير معلنة، مؤكدًا أن "إيران ملزمة قانونيًا بالتعاون، لكنها أبت ذلك رغم فرص متعددة قدمها مدير الوكالة ومجلس المحافظين". وحذرت الدول الأربع من أنه إذا استمر هذا النهج، فإن مجلس المحافظين يجب أن يكون مستعدًا لإعلان عدم التزام إيران باتفاقية الضمانات.
كما أشار البيان إلى خرق إيران لالتزاماتها بتقديم معلومات عن تصميم منشآتها النووية الجديدة، وهو ما يثير القلق خاصة مع سجلها في بناء منشآت سرية. وأضاف: "صبرنا طال كثيرًا، لكنه ليس بلا حدود. إذا لم يسجل مدير الوكالة تقدمًا ملموسًا، سيتعين على المجلس اتخاذ خطوات حاسمة. لقد اختارت إيران حتى الآن طريق التصعيد والإنكار، وعليها أن تتحمل تبعات ذلك". يبرز هذا الموقف جدية الغرب في مواجهة أساليب النظام المراوغة.
تحليل: مأزق مميت يقود إلى الانهيار
إن النظام الإيراني، وعلى رأسه علي خامنئي، يجد نفسه اليوم في مأزق مميت لا مخرج منه. فمن ناحية، لا يستطيع التراجع عن المواقف التي روج لها على مدى سنوات، لأن ذلك سيعني الاعتراف بالهزيمة وتقويض شرعيته داخليًا وخارجيًا، مما سيفتح الباب أمام انهيار سريع. ومن ناحية أخرى، العقوبات الاقتصادية القاسية والتهديدات الجادة من الولايات المتحدة وأوروبا، التي قد تؤدي إلى تفعيل "آلية الزناد" واستعادة قرارات مجلس الأمن، تضع النظام تحت ضغط غير مسبوق. في هذا الوضع، أي خيار يتبناه النظام – سواء الاستمرار في سياسة التصعيد أو الاستسلام – سيفضي إلى انقسام داخلي وتفكك هيكل السلطة.
هذا المأزق يمهد الطريق أكثر من أي وقت مضى لانتفاضة شعبية واسعة. فالشعب الإيراني، الذي عانى عقودًا من الظلم والنهب تحت حكم هذا النظام، إلى جانب المقاومة المنظمة بقيادة السيدة مريم رجوي، في وضع يسمح له بأن يكون العامل الحاسم في إسقاط النظام. بينما أضعفت العقوبات والضغوط الخارجية النظام، فإن القوة الحقيقية للتغيير تكمن في إرادة الشعب ومقاومته التي تستعد لتوجيه الضربة القاضية.
خاتمة: مستقبل في أيدي الشعب الإيراني
تتحول المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة إلى مسرح يعكس عجز النظام وانعزاله بدلاً من أن تكون بوابة لانفراج أزماته. بيانات مجموعة السبع والدول الغربية، إلى جانب الكشف المستمر عن انتهاكات النظام النووية، تؤكد أن المجتمع الدولي لم يعد مستعدًا لتحمل تلاعبه ومماطلته. وفي هذا السياق، يبرز التحليل أن النظام محاصر في مأزق مميت يقربه من السقوط مع كل خطوة يتخذها.
المقاومة الإيرانية، بمساندة شعبية متزايدة ودعم دولي متنامٍ، تقف على أهبة الاستفادة من هذه اللحظة التاريخية لتحقيق النصر. مستقبل إيران لا يكمن في طاولة المفاوضات مع نظام آيل للزوال، بل في أيدي شعبها الذي سيفتح بثورته وصموده طريق الحرية والديمقراطية. على المجتمع الدولي أن يدعم هذا الحراك لتسريع نهاية هذا النظام، وإرساء أسس الاستقرار في المنطقة والعالم.