خامنئي في مأزق البقاء: رفض المفاوضات يكشف ضعف النظام

المرشد الإيراني علي خامنئي
المرشد الإيراني علي خامنئي

في 12 مارس، رفض علي خامنئي، المرشد الأعلى للنظام الإيراني، عرض الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب للتفاوض، في خطوة تعكس قلقه العميق من أن أي انخراط دبلوماسي قد يقوّض أسس حكمه المتداعية. في خطاب بدا أشبه بعرض مسرحي، حاول خامنئي تقديم الرفض على أنه موقف مبدئي، واصفًا الدعوة الأمريكية بأنها “خداع للرأي العام العالمي”، لكنه في الوقت ذاته أشار ضمنيًا إلى أن المواجهة العسكرية لن تكون “أحادية الجانب”.

خطاب استعراضي لا يخفي الأزمة

أُلقِيَ الخطاب أمام مجموعة منتقاة بعناية من أنصار النظام، تم تقديمهم على أنهم “طلاب”، في محاولة لصناعة صورة زائفة عن استمرار دعم الشباب الإيراني للنظام. في خلفية المسرح، وُضِعَت لافتة كتب عليها: “لا يوجد كنز أثمن من العلم”، وهي إشارة مبطنة إلى الطموح النووي الإيراني، في تحدٍّ واضح للضغوط الدولية المتزايدة.

خامنئي شدد على أن التفاوض مع واشنطن “لن يؤدي إلى رفع العقوبات، بل سيزيد الضغط”، في إشارة إلى خوفه الحقيقي من فقدان السيطرة. كما حاول التقليل من أي تهديد عسكري أمريكي، محذرًا:

“أي عمل ضدنا سيُقابل برد حاسم.”

رفض التفاوض: موقف مبدئي أم خوف من الانهيار؟

جاء هذا التصعيد ردًا مباشرًا على تصريحات ترامب، الذي أعرب خلال مقابلة مع قناة فوكس بيزنس عن استعداد واشنطن للتفاوض بشأن البرنامج النووي الإيراني، محذرًا طهران من أنها أمام خيارين: التفاوض أو المواجهة العسكرية.

لكن خامنئي، مدركًا تداعيات أي انفتاح دبلوماسي، سخر من العرض، قائلًا:

“إنهم يريدون أن يظهروا كدعاة للسلام، بينما ترفض إيران التفاوض. لكن عندما نعلم أنهم لا يلتزمون بوعودهم، فلماذا نفاوض؟”

انقسامات داخل النظام وتواصل سري مع واشنطن

رغم نبرة التحدي، لم يتمكن النظام من إخفاء التوترات الداخلية. فبعد ساعات من خطاب خامنئي، أكدت مصادر رسمية أن إدارة ترامب أرسلت بالفعل رسالة دبلوماسية عبر وسيط إماراتي. وأعلن عباس عراقجي، نائب وزير الخارجية الإيراني، أن أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، نقل رسالة إلى طهران، ما يثير تساؤلات حول مدى جدية رفض النظام للتفاوض.

نظام يتآكل من الداخل: إلى متى يستمر القمع والعزلة؟

بينما يحاول خامنئي تصوير رفضه للمفاوضات كدليل على القوة والسيادة، إلا أن الواقع يشير إلى عكس ذلك تمامًا.

 • الأزمة الاقتصادية: انهيار العملة الإيرانية وارتفاع معدلات التضخم يؤججان السخط الشعبي.

 • انقسامات النظام: يتزايد الصراع بين جناح متشدد يرفض أي تواصل مع الغرب، وآخر يدرك أن الاستمرار في العزلة لم يعد خيارًا عمليًا.

 • التآكل الداخلي: النظام لم يعد قادرًا على إخفاء ضعفه المتزايد، حيث لم يعد القمع وحده كافيًا لإسكات الأصوات المعارضة داخل إيران.

إلى متى يستطيع خامنئي الهروب من الواقع؟

خطاب التحدي الذي يتبناه خامنئي قد يكون مجرد محاولة للتغطية على مأزقه الحقيقي. فمع استمرار الضغط الدولي والاضطرابات الداخلية، يبدو أن خياراته باتت محدودة. إما الاستمرار في العزلة حتى الانهيار، أو القبول بتغييرات مؤلمة قد تهدد قبضته على السلطة. السؤال لم يعد “هل سيتغير موقف النظام؟”، بل “متى سيُجبر خامنئي على الاعتراف بالواقع؟”