الصراع الداخلي في النظام الإيراني حول المفاوضات مع أمريكا

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

المقدمة

عاد موضوع المفاوضات مع الولايات المتحدة ليصبح إحدى القضايا الأساسية المثيرة للجدل داخل النظام الإيراني. هذا الملف، الذي أثار نقاشات حادة خصوصًا بعد تصريحات بزشكيان في الأهواز، كشف عن خلافات عميقة بين أجنحة النظام. ففي حين يسعى بعض المسؤولين الحكوميين إلى فتح قنوات للحوار، تقوم الأجنحة الموالية لخامنئي بإطلاق انتقادات لاذعة ضد أي خطوة نحو التفاوض.

القسم الأول: تصريحات بزشكيان وردود الأفعال

في 23 يناير، صرح مسعود بزشكيان خلال اجتماع في الأهواز قائلاً: «علينا أن نتحدث مع العالم بلغة السلام، وليس بلغة الصراع.» وأشار إلى نموذج الصين قائلاً: «حتى الصين، رغم التهديدات الأمريكية، لا تزال تسعى للتعاون مع العالم لتحقيق مصالحها.»

هذه التصريحات أثارت موجة من الانتقادات، حيث قال الملا علم الهدى، إمام جمعة مشهد: «هناك من لا يزال ينظر إلى الغرب ويتحدث عن التفاوض. يجب أن يعلموا أن الأمل في الأعداء لن يجلب سوى الذل والهزيمة.» كما أكد أحمد خاتمي في طهران أن «أمريكا لا تزال الشيطان الأكبر، وأي حديث عن التفاوض معها خيانة لمبادئ الثورة الإسلامية.»

القسم الثاني: تناقضات داخل الحكومة وتهديدات لظريف

في الوقت الذي يحاول فيه بزشكيان الدفع باتجاه تقليل التوترات مع أمريكا، أطلق وزير الاستخبارات في حكومته انتقادات حادة ضد فكرة التفاوض، مؤكداً أن «أمريكا لا تسعى إلى تعامل متكافئ، بل تريد استسلاماً كاملاً.»

من ناحية أخرى، تعرض محمد جواد ظريف، الذي أُرسل إلى منتدى دافوس، لتهديدات بالاعتقال عند عودته إلى إيران. وأعلن أمين مجلس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في طهران: «يجب اعتقال ظريف فور وصوله والتحقيق معه.»

القسم الثالث: الهجوم الإعلامي من جناح خامنئي

إلى جانب التصريحات، شنت وسائل الإعلام الموالية لخامنئي هجوماً على بزشكيان. فقد كتب حسين شريعتمداري، ممثل خامنئي في صحيفة كيهان، مقالة بعنوان «السيد بزشكيان، أنت لست صاحب إيران!» وصف فيها تصريحاته بأنها «تتعارض مع المصالح الوطنية وتضعف مواقف الجمهورية الإسلامية.»

الخاتمة

الخلافات بين أجنحة النظام الإيراني حول المفاوضات مع الولايات المتحدة تعكس انقسامات داخلية عميقة وأزمة شاملة في إدارة السياسات الداخلية والخارجية. بينما تحاول الحكومة تقليل الضغوط الاقتصادية والسياسية من خلال فتح باب الحوار، تصر الأجنحة الموالية لخامنئي على رفض أي تنازل. هذه الصراعات ليست سوى دليل إضافي على ضعف النظام وعجزه عن التوصل إلى استراتيجية موحدة للتعامل مع أزماته المتعددة.