الزلزال السياسي وتداعياته
بعد الزلزال السياسي الذي هز سوريا في 8 ديسمبر 2024 وأدى إلى سقوط نظام عائلة الأسد، بدأت ارتداداته تصل إلى العراق، حيث يشهد النظام الإيراني تراجعًا ملحوظًا لنفوذه. سقوط نظام الأسد، الذي كان يمثل عمقًا استراتيجيًا حيويًا لإيران، أحدث تغييرات جوهرية في توازن القوى الإقليمي، خاصة في العراق.
تحولات داخل العراق
في الذكرى السنوية لمقتل قاسم سليماني، عادت للواجهة الجرائم التي ارتكبها في العراق وسوريا، حيث شهدت المدن العراقية والسورية إسقاط صوره وسط هتافات شعبية تندد بدوره. هذه التطورات وضعت الميليشيات التابعة لإيران، مثل الحشد الشعبي، في مواجهة خطر التفكك.
إبراهيم الصميدعي، المستشار السياسي لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، دعا إلى “مراجعة جذرية للوضع القائم”، مؤكدًا أنه “لا يمكن للعراق أن يبقى جزءًا من محور المقاومة بعد سقوط نظام الأسد وتراجع دور حزب الله في لبنان” (الشرق الأوسط، 18 ديسمبر).
تراجع الهيمنة الإيرانية
رغم محاولات المرشد الإيراني علي خامنئي الإيحاء باستمرار قوة “محور المقاومة”، إلا أن الواقع يشير إلى تراجع كبير. ففي اجتماع مع مداحي النظام، أكد خامنئي أن “رجال المقاومة في اليمن والعراق ولبنان سيعيدون الحضور في سوريا قريبًا”. غير أن هذا التصريح بدا أقرب إلى محاولة للتغطية على التراجع الإيراني الواضح في المنطقة.
في العراق، باتت الجماعات الموالية لإيران تواجه أزمة شرعية، إذ يُنظر إليها على نطاق واسع كرمز للفساد والقمع. ومع ضعف إيران، أصبحت هذه الجماعات غير قادرة على الاحتفاظ بنفوذها السابق. كما أن تصريحات وزارة الخارجية الإيرانية حول الضغوط الدولية لحل الحشد الشعبي تعكس العجز الإيراني عن حماية وكلائها.
اتفاقيات وتنازلات اضطرارية
زعيم حركة النجباء، إحدى أبرز الميليشيات الموالية لإيران، أعلن عن اتفاق مع الحكومة العراقية لوقف العمليات ضد إسرائيل، مشيرًا إلى أن إيران سمحت لهم باتخاذ قرارات مستقلة بشأن سوريا. هذه التنازلات تُظهر تراجع السيطرة الإيرانية المباشرة على حلفائها.
فرار القيادات الموالية إلى إيران
تزايدت التقارير عن فرار قادة ميليشيات بارزين إلى إيران، مثل قيس الخزعلي، زعيم عصائب أهل الحق، الذي قيل إنه لجأ إلى مدينة قم “لمتابعة دراسته الحوزوية”. هذه الخطوة تعكس اهتزاز ثقة هذه القيادات بقدرتها على الاستمرار داخل العراق.
أبعاد استراتيجية خطيرة
فقدان إيران لنفوذها في العراق يمثل ضربة كبيرة لخامنئي، الذي طالما شدد على أهمية العراق وسوريا كعمق استراتيجي لنظامه. تصريحات خامنئي السابقة بأن “العمق الاستراتيجي أهم أحيانًا من واجبات الدولة” تظهر مدى أهمية العراق لإيران. اليوم، هذا العمق الاستراتيجي يتلاشى أمام الأعين.
الخاتمة: مستقبل غامض للنظام الإيراني
مع تراجع النفوذ الإيراني في سوريا وتأثيراته الواضحة على العراق، يواجه النظام الإيراني تحديات غير مسبوقة تهدد بقاءه. وكما قال زعيم المقاومة مسعود رجوي: “طرد النظام الإيراني من العراق يعني نهاية ولاية الفقيه”. التحولات الحالية تشير إلى أن هذه النهاية قد تكون أقرب مما يتوقعها النظام الإيراني، في وقت تستعيد فيه المنطقة سيادتها من الهيمنة الإيرانية.