ما وراء سقوط بشار الأسد: تداعيات وخسائر للنظام الإيراني

سوريون يحتفلون بسقوط نظام الأسد في ساحة الأمويين بدمشق
سوريون يحتفلون بسقوط نظام الأسد في ساحة الأمويين بدمشق

شهدت المنطقة العربية حدثًا مفصليًا مع سقوط بشار الأسد، الذي كان يمثل ركيزة استراتيجية للنظام الإيراني. سقوطه يُعد ضربة موجعة لطهران، التي استثمرت موارد هائلة لدعمه على مدى عقود. ومع هذه التغيرات الدراماتيكية، يصبح من الضروري تسليط الضوء على أبعاد هذا السقوط وتداعياته.

منذ أربعة أيام فقط، ألقى المرشد الإيراني علي خامنئي خطابًا يهدف إلى تقليل مخاوف مؤيديه من تداعيات فقدان الأسد. لكن من الواضح أن كلماته لم تفلح في تهدئة الأجواء داخل النظام، حيث بدأت أصوات الاحتجاج ترتفع، منتقدةً العجز عن الحفاظ على حكم الأسد.

لقد أنفق النظام الإيراني مليارات الدولارات على مدى أربعة عقود لتعزيز موقع الأسد في سوريا. من النفط المجاني إلى الدعم المالي المباشر، كانت طهران ترى في سوريا ما هو أكثر من مجرد حليف؛ كانت تعتبرها بوابة لنشر نفوذها الإقليمي. سقوط الأسد لا يعني فقط فقدان حليف استراتيجي، بل يمثل انهيارًا للبنية التحتية التي استثمر فيها النظام الإيراني ليحكم سيطرته على لبنان وفلسطين، وحتى مناطق أخرى في العالم العربي.

مع سقوط الأسد، يواجه حزب الله أزمة وجودية. الطريق الذي كان يصل طهران ببيروت عبر دمشق قد انقطع، مما يجعل الحصول على الأسلحة والتمويل أمرًا بالغ الصعوبة. كما أن هذه الخسارة تضع الحزب أمام تحديات غير مسبوقة، حيث سيتعين عليه إعادة النظر في استراتيجيته.

كان خامنئي يعتمد على محورين أساسيين للبقاء: القمع الداخلي وتصدير الأزمات للخارج. سوريا، التي وصفها مسؤولون إيرانيون بأنها المحافظة الخامسة والثلاثون، كانت محورًا لهذه الاستراتيجية. سقوطها يعيد النظام الإيراني إلى الداخل، حيث يواجه تصاعد الغضب الشعبي والمقاومة المنظمة التي تستعد لمواجهة النظام في الداخل.

خلال الثورة السورية، تدخل الحرس الثوري الإيراني بقيادة قاسم سليماني بشكل مباشر لقمع الشعب السوري ودعم الأسد. حتى بعد أن كادت قوات المعارضة أن تحقق انتصارًا حاسمًا في حلب، لجأ خامنئي إلى طلب مساعدة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مما أدى إلى تدخل عسكري روسي أنقذ الأسد مؤقتًا. اليوم، مع زوال هذا الحليف، يعود المشهد ليظهر ضعف استراتيجية النظام الإيراني.

صرح خامنئي مرارًا أن الحفاظ على النفوذ الخارجي يحمي النظام من الانهيار الداخلي. لكن مع سقوط الأسد، تتحول الساحة إلى الداخل الإيراني، حيث يقف الشعب ومقاومته المنظمة مستعدين لإحداث تغيير جذري. هذه المرحلة تمثل اختبارًا حقيقيًا لقدرة النظام على البقاء.

سقوط بشار الأسد ليس مجرد حدث عابر، بل هو نقطة تحول في ميزان القوى الإقليمية. النظام الإيراني، الذي طالما اعتمد على تصدير أزماته إلى الخارج، يجد نفسه اليوم أمام واقع جديد يهدد وجوده. المعركة القادمة ستكون على أرض إيران نفسها، والشعب الإيراني، بمقاومته المنظمة، هو الأمل في إنهاء هذا النظام وإعادة الحرية والاستقرار إلى المنطقة.