لعنة نظام الأسد لم تطل السوريين فقط، بل طالت أيضاً شعوب دول المنطقة المجاورة والبعيدة، فمأساة اللبنانيين مع الجيش السوري لا تزال مستمرة، كثير من العوائل اللبنانية فقدت أبناء لها خلال سيطرة نظام الأسد على لبنان، كما لا يزال هناك لبنانيون مغيبون داخل سجون هذا النظام، هذا و لم نتحدث عن التفجيرات التي ألمت بلبنان قبل وبعد خروج هذا الجيش منها.
العراق بدوره لم يسلم من الدور التخريبي الذي لعبه نظام الأسد من خلال إرساله للسيارات المفخخة ودعمه للمقاتلين المتشددين، بعد تحويله مطار دمشق الدولة لبوابة عبور للإرهاربيين تجاه العراق، لخلط الأوراق هناك، والعمل على تأزيم الوضع، ولا ننسى الخلية التي كان يدعمها في الأردن بهدف قلب الحكم هناك، والتي اعترفت بعد القبض عليها أنَّ المخابرات السورية هي من مولتها وزودتها بالدعم اللوجستي، ناهيك عن فلسطين التي عملت المخابرات السورية على تأجيج الوضع الداخلي من خلال دعمها اللا متناهي لحركة حماس على حساب حركة فتح، للمساهمة في انقسام الشارع الفلسطيني ووضع المعوقات بشكل مستمر لمنع أي توافق هناك.
بعد هذا كله ومع اقتراب الذكرى السادسة عشرة لخروج الجيش السوري من لبنان يوم 26 نيسان/إبريل 2005، يخرج نائب وزير خارجية النظام السوري بشار الجعفري عبر إحدى القنوات الإعلامية المحسوبة على محور "المقاومة" (سوريا، إيران، حزب الله)، وهي قناة الـ "OTV" المملوكة للتيار الوطني الحر الداعم للأسد، ليذكِّر اللبنانيين أنَّ لبنان كان تابعاً تاريخياً لسوريا، ولكن على الرغم من أنَّ ما قاله الجعفري خلال اللقاء هو حق يراد به باطل، فهو بهذا التذكير على هذه القناة التي تمارس التشبيح الإعلامي لخدمة نظام الأسد، وبوجود قوى لبنانية مدعومة سورياً تسيطر على لبنان واللبنانيين، يبعث برسالة للقوى الرافضة لعودة الوصاية السورية، أنَّ التواجد السوري وعلى الرغم من خروج الجيش من هناك، لا يزال قائماً سياسياً وأمنياً على الأقل، وأنَّ أبواق النظام كالجعفري وغيره لا يزالون مرحب بهم عبر وسائل الإعلام، التي تديرها أحزاب تقدم ولاءها وخدماتها الدائمة لأنظمة خارجية كسوريا وإيران، بينما تمارس على شعوبها التشبيح السياسي والأمني بحجة محاربة إسرائيل.