قد لا تمر جلسة لمجلس الأمن تناقش الأوضاع في سوريا، إلا ويخرج علينا المندوب الروسي أو نائبه ليتشدقا ويكذبا في محاولة حثيثة لإنقاذ بشار الأسد ونظامه، من أي عقوبة أو قصف قد يهدد استمرار وجوده.
يوم أمس وخلال جلسة مجلس الأمن حول الوضع الإنساني في سوريا، خرج علينا نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين، ليشيد كذباً بأحوال الناس الاقتصادية في مناطق سيطرة النظام السوري، ويقول: "من الملفت للنظر أن الوضع الأكثر تأزماً تشهده المناطق غير الخاضعة لسيطرة دمشق في شمال غرب وشمال شرق سوريا"، وكأنه يصف المقيمين في مناطق سيطرة من يدعمه، بأنهم يعيشون في بحبوحة، وبأنَّ رواتبهم تكفي وتزيد، متناسياً طوابير الخبز والمحروقات وانهيار الليرة السورية أمام الدولار.
كلام نائب الوزير الروسي يوم أمس، يذكرنا بكلام مستشارة الأسد بثينة شعبان بداية العام الماضي، عندما أكدت أن الوضع الاقتصادي في سوريا يتفوق بخمسين مرة عما كان عام 2011.
التشابه بالتصريحين ليس صدفة، فالاثنان ينتميان لنظامين يحميين البلاد، التي لا تستطيع أن ترى أحوال الشعب، ولكنها تبني موقفها من الحاشية المقربة لهما، فـ "فيرشينين" يبني موقفه بناءً عما يراه في زياراته إلى سوريا، متحاشياً النظر إلى المناطق التي يعيش فيها السوريون الحقيقيون، فالمناطق التي يمر بها في سيارته أثناء هذه الزيارات، والمجتمع الذي يجالسه في المطاعم، لا ينتمي للشعب السوري، فهم من المستفيدين من بقاء النظام جاثماً فوق صدور السوريين، ويمثلون الصورة الوردية التي يريد الأسد أن يسوقها للعالم الغربي، مقارنةً بالمناطق التي تظهر على وسائل الإعلام في المناطق الخارجة عن سيطرته، وأخص هنا بالتحديد المخيمات. فالأسد حاول جاهداً توجيه الإعلاميين الزائرين إلى سوريا إلى مناطق محددة، ففتح أمامهم أبواب المطاعم الفارهة والنوادي الليلية الممتلئة بأبناء حاشيته، ليقول لهم هذه سوريا، وهؤلاء السوريون الذين يعيشون في مناطقي.
نائب الوزير الروسي أعجبته الدعاية التي يروج لها الأسد، واستمر بها، فالفاسدون المقربون من الأسد هم الشعب السوري بنظره، وما بقية الناس إلا مجموعة من الكومبارس لا دور لهم، أو كما يحسب، متناسياً أنَّ الضغط الأكبر سيكون أخيراً بيد هذه المجموعة المسحوقة التي تمثل الغالبية العظمى، والتي ستنفجر أخيراً في وجه نظام الأسد والداعم الروسي، وهذا أملنا بهم.