الجولاني والأسد: سياسة أمريكية واحدة!

الجولاني للاميركيين: لانشكل اي تهديد لكم
الجولاني للاميركيين: لانشكل اي تهديد لكم


منذ عام 2017 تقريباً لم نعد نسمع نهائياً من الدول (الصديقة) للشعب السوري أنّ (على الأسد الرحيل)، وأصبح الحديث هو عن (تغيير سلوك النظام). وكالعادة فإنّ الأمريكي هو قائد الأوركسترا، رغم أنّ المؤلف ربما لا يكون أمريكياً، خاصة أنّ أول من بدأ بالتنغيم على نغمة (تغيير السلوك) هم البريطانيون بالذات، الذين لم يقطعوا حبل السرة بينهم وبين نظام الأسد حتى الآن على ما يبدو...

مناسبة الحديث هي الفيلم الوثائقي حول أبو محمد الجولاني، الذي تم عرضه مؤخراً ضمن حلقة من حلقات البرنامج الشهير فرونت لاين Frontline على شبكة PBS الأمريكية، والذي جرى إعداده عبر زيارة قام بها الصحفي الأمريكي مارتن سميث إلى إدلب والتقى خلالها بالجولاني، كما يتضمن الفيلم لقاءات أخرى بينها لقاء مطول مع جيمس جيفري المبعوث الأمريكي السابق إلى سوريا.

بالنسبة لأولئك الذين يتابعون بشكل مستمر طريقة التعاطي الإعلامي والسياسي الأمريكي مع ملف النصرة، فإنّ الفيلم لن يفاجئهم بأي من تفاصيله؛ فالرواية هي نفسها التي بدأها مركز الأزمات الدولية في لقائه مع الجولاني قبل أكثر من عام، والذي صوره بوصفه لا إرهابياً، بل محارباً للإرهاب!

ومن ثم سمعنا كلام جيفري في آذار العام الماضي والذي اعتبر فيه أنّ نشاط النصرة لم يعد يشكل خطراً دولياً، وأن النصرة تقول عن نفسها إنها معارضة وطنية، وأن الولايات المتحدة لم ترفع بعد اسم النصرة من قوائم الإرهاب، بما يوحي بأنها يمكنها أن ترفعها في وقت لاحق.

في الفيلم الجديد، يتحدث جيفري بوضوح أكبر واصفاً النصرة بأنها الأقل سوءاً ضمن خيارات سيئة، وبأنها (حركة مقاومة وتحرر وطني)... وفي هذه ربما يكون محقاً لأنّ هنالك علاقة حميمة بين النصرة و(المقاومة)، ولكن بعيداً عن هذا الأمر، فإنّ وصف النصرة بأنها حركة تحرر وطني، يعني أنها ليست إرهاباً ويعني أن التعامل معها هو الخيار (الحكيم)، وهذا التعبير الأخير هو لجيفري نفسه.

إذا نظرنا إلى هذه الطريقة في التعامل مع النصرة ومع الجولاني، وقارناها بطريقة تعامل الولايات المتحدة مع بشار الأسد، هل هنالك فرق؟

في حالة بشار الأسد ورغم الكلام الكثير عن العقوبات وعن اللاشرعية وإلخ، لكن السلوك العملي للولايات المتحدة يتلخص بعبارة (تغيير السلوك)، يعني إذا غيّر بشار الأسد سلوكه بالطريقة التي تناسب أمريكا فلا مشكلة لديها ببقائه، بل وأكثر من ذلك يبدو أن الولايات المتحدة باتت ترى في بشار الأسد كما الجولاني أحد أهم أدواتها في تحويل كل منطقة الشرق الأوسط نحو الفوضى الخلاقة... وهذا بالتأكيد سيريح إسرائيل...

بالنسبة للسوريين، ووفق رأي شخصي لا أفرضه على أحد، فبشار الأسد والجولاني هما وجهان لعملة واحدة، ومحاولة شرعنة أي منهما تمر عبر شرعنة الآخر... وهذا ما نرى (الدول الصديقة) تحاول فعله، فهل سنسكت؟