منذ إعلان نظام الأسد نيته إجراء انتخابات رئاسية في سوريا خلال العام الجاري، يدور في خلدي سؤال: ما الذي سيكسبه الأسد من إجراء هذه الانتخابات.
فـ بشار الأسد الوريث غير الشرعي لرئاسة سوريا عن والده حافظ حارب شعبه واستخدم في قتلهم والتنكيل بهم ما لا يخطر ببال من أسلحة وأساليب تعذيب لكل من واجهه ولو بكلمة، فقط من أجل البقاء في الحكم، فهذه الانتخابات المرفوضة دولياً لن تعطيه شرعية لا داخلياً أمام شعبه ولا خارجياً أمام المجتمع الدولي، بل على العكس، يمكن أن تكون عواقبها وخيمة عليه، فجميع الدول ولو من خلال التصريحات ترفض إجراءه لهذه الانتخابات قبل اتفاق اللجنة الدستورية التي ترعاها الأمم المتحدة، إلا أنَّ عقلية النظام يمكن أن تتناسى كل هذا الرفض، فقط لكي يثبت لمؤيديه المتواجدين داخل سوريا أو خارجها، أنه بخير وقادر على الاستمرار في حكم سوريا حتى لو كان هناك رفض عام لذلك، ويؤكد لهم أنه على الرغم من كل الفظائع التي قام بها من دمار وقتل وتشريد، لا يزال يملك الحق في الترشح من جديد والفوز بالانتخابات، التي يعلم القريب قبل البعيد أنها مزيفة، ونتائجها موضوعة قبل المباشرة بها، فهذه الانتخابات لن ترفع العقوبات عليه، ولن يتمكن من خلالها أن يصلح اقتصاد سوريا المنهار ولا حتى يجعل المواطن العادي قادراً على تأمين رغيف الخبز لأطفاله، هي ستكون (الانتخابات) مجرد انتصار وهمي يمكن أن يستغله إعلامه في بث رسائل لجمهوره أن سوريا لا زالت (بخير)، وأن بشار الأسد لا يزال قوي، ويمكنه أن يتحدى جميع الرافضين لهذه الانتخابات والاستمرار بالحكم.
الأسد يعلم تماماً أن السوري الذي يعيش في مناطق سيطرته لم يعد يهمه الحديث عن أهمية تداول السلطة ديمقراطياً من عدمه، فهو وخلال السنوات الماضية جعل جلَّ هم المواطن التفكير في كيفية تأمين مستلزمات الحياة البسيطة، كالطعام والمحروقات، ومعرفة جدول انقطاع الكهرباء والماء عن منزله ليعيش حياته على أساسها، فأخرج موضوع الانتخابات الرئاسية من سلم أولوياته لتتحول إلى مناسبة غير منتظرة ولا تهمه في شيء وكأنها تجري في دولة أخرى غير التي يعيش فيها.
نظام الأسد وخلال العقود الأربعة الماضية لم يقتل الحياة السياسية في سوريا فقط، بل ألغى أيضاً إنسانية المواطن السوري، فتحولت بذلك سوريا من دولة واعدة يحتذى بها إلى دولة فاشلة تصنف ضمن الدول المتدنية في كافة المجالات، إلا في قمع الحريات وانتهاك حقوق الإنسان وانعدام الحرية الصحفية فهي في المراتب الأولى وتتفوق على دول تحكمها ديكتاتوريات عاتية.