لم يكن السوري، ليتخيل ولو للحظة أن تفرغ شوارع المدن الكبرى كدمشق وحلب من السيارات ووسائل النقل، ليحل مكانها أحصنة وحمير يستخدمها الناس في تنقلاتهم، إلا أنَّ الفشل الإداري لدى نظام الأسد، حوَّل اللا معقول إلى حقيقة، فنقص المحروقات ومشتقاتها من بنزين ومازوت، جعل الناس تعزف عن استخدام السيارات ووسائل النقل العامة، لارتفاع أجورها من جهة، وللنقص الكبير للوقود من جهةٍ أخرى.
نقص المحروقات هذا سبب في الأسابيع الماضية حالة من التذمر لدى الموظف السوري في مؤسسات الأسد، فهو يضع جزءاً كبيراً من راتبه الشهري لتنقلاته، حل استخدام الحيوانات كان كالكوميديا السوداء بالنسبة للسوريين، فهو من جهة غير مألوف لشريحة كبيرة من السوريين، ومحزن لما وصلت إليه بلدهم من جهةٍ أخرى، حتى بدأ العديد من الناشطين والمدونين من داخل مناطق سيطرة الأسد، بنشر صور وسيلة النقل الجديدة/القديمة على وسائل التواصل الاجتماعي، مع تعليقات تسخر من الواقع الذي وصلت إليه مدنهم، واصفين ما يجري بالفشل الإداري لنظام الأسد، فـ "بشار الأسد" وبسبب تمسكه بمنصبه لم يترك مرتزقة ولا جيش إلا واستقدمه ليحارب به شعبه، فأفرغ خزينة الدولة من القطع الأجنبي كرواتب لهم، فتسبب بانهيارات اقتصادية متسارعة إلى جانب تسليمه معظم المنافذ الحدودية الموجودة في مناطق سيطرته لحلفائه كميناء طرطوس واللاذقية، لتغطية كلفة هذه الحرب، ولسد ديونه لهم.
الأسد وكعادته وضع اللوم في ما يجري بسوريا على العقوبات المفروضة على نظامه من الولايات المتحدة الأمريكية، كما استغل قضية السفينة (إيفر جيفن) زاعماً أنَّ ناقلة نفط إيرانية تحمل مليون برميل كانت متجهة لسوريا لم تتمكن من الوصول في موعدها بسبب إغلاق سفينة الشحن لقناة السويس.
الأسد وخلال العقد الماضي لم يدمر سوريا اقتصادياً واجتماعياً وصحياً وعلمياً فقط، بل أعاد سوريا إلى ما قبل الثورة الصناعية الأولى، وجعل من وسائل النقل المنقرضة تعود للحياة من جديد، ليبقى هو متربعاً على عرش سوريا المدمرة.
