يعتبر الحمار أكثر الحيوانات الأليفة خدمة للإنسان منذ العصور القديمة، فهو الحيوان الوحيد الذي تحمل أعباء العمل في الحقل، والسفر، والحمولة، بل حتى هناك من يستفيد من لحمه ولبنه، فيقال أن الملكة كليوباترا كانت تملك 300 أتان (أنثى الحمار) حتى تتمكن من الاستحمام في الحليب الذي تنتجه لتغذية بشرتها، وهناك من يصنع الجبن من حليب الحمير أيضا، وقد قامت أحدى مدن جنوب إفريقيا بتشييد تمثال لحمار تكريما لمساهمة الحمير في جهود التنمية، وفي أوربا في العصور الوسطى كان الناس يستخدمون بول الحمير كمطهر، وبالطبع يستخدم روثه كسماد للأرض. وقد خصصت الأمم المتحدة لهذا الحيوان الأليف الذي تقدر حياته بحوالي نصف قرن بتخصيص يوم الثامن من شهر أيار/ مايو يوما عالميا للحمير تكريما لهم كل عام، والغريب في الأمر أن بني الانسان يصفونه بالغباء وهو ذكي، وربما أذكى من بعض البشر. اليوم نرى كم أن الحمار وفي لأصحابه ففي حرب دولة الاحتلال على غزة وتدميرها كل منشآتها ومبانيها ومحطاتها الكهربائية، وتجريف طرقاتها، ومنع الوقود عنها جاء دور الحمار ليقع عليه عبء جر عربات النقل، وحمل المقتنيات في عمليات النزوح التي لا تنتهي من مكان إلى آخر للهروب من المجازر الإجرامية التي تقوم بها قوات الاحتلال، فهو أي الحمار كان فيه عطف على أصحابه أكثر من بعض الأخوة العرب على الفلسطينيين، ووضع نفسه معهم في السراء والضراء، وخطر الموت، فأنا أتقدم بالشكر والعرفان لكل حمير غزة الذي قدموا خدماتهم لأهلنا في المدن الغزاوية المنكوبة في الوقت الذي كان الجميع يقفون وقف المتفرج، بل وينتظر بعضهم أن يتم القضاء على المقاومة التي عرت أنظمة الخنوع والخضوع الذين وخلال عام كامل من مشاهدة القتل والتدمير والتهجير والتجويع والتعطيش من قبل دولة الاحتلال لم يقدموا خدمة واحدة لهذا الشعب المكلوم تعادل خدمة حمار واحد في غزة.