غَصّتا السوريين بالسفرجل ونيسان

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

قليلة هي التواريخ الميلادية، التي يبعث ذكرُها البهجةَ في نفوس السوريين. ذلك أن ذكرى جلاء المستعمر الفرنسي عن بلادهم لم تعد محطَّ إجماعٍ على اعتبارها ذكرى سعيدة. إذ أصبح الكثير من السوريين يرى أن بقاء المستعمرين أرحم ممن تعاقب بعدهم على حكم البلاد من أبنائها.

أما التواريخ الميلادية المشؤومة، فأكثر من أن تحصى في مقالة واحدة. فهناك تاريخ انقلاب آذار سنة 1963"، وتاريح "مجزرة حماة الأولى سنة 1964"، وتاريخ "حركة 23 شباط سنة 1966"، وتاريخ نكسة حزيران سنة 1967، وتاريح "الحركة التصحيحية سنة 1970"، وتاريخ "حرب تشرين التحريكيّة سنة 1973"، وتاريخ احتلال لبنان وقمع المقاومة الوطنية فيه، سنة 1976، وتاريخ مجزرة سجن تدمر سنة 1980، وتاريخ مجزرة حماة الكبرى سنة 1982، وتاريخ توريث حافظ الأسد سوريا والسوريين لابنه بشار، وغيرها...

بعد شهر آذار 2011 تكاثفت التواريخ المشؤومة، لدرجة أنها لم تترك للسوريين إمكانية التمتع بأي قسط من السعادة. ورغم ذلك، ثمة بين هذه الظلمة المتواصلة على مدى عقد كامل، أيامٌ تتميز عن غيرها بشدة قتامتها وشؤمها، وأكثر هذه الأيام جاء في شهر نيسان/أبريل... منها: الرابع من نيسان/أبريل من العام 2017، الذي أقدم فيه النظام على قصف مدينة خان شيخون بالسلاح الكيمياوي، والسابع من نيسان/أبريل من العام 2018، الذي أقدم فيه النظام على استخدام السلاح الكيمياوي ضد سكان مدينة دوما.

إذا أمعنا التفكير في هذه السلسة اللامتناهية من التواريخ المشؤومة، لوجدنا أن جذورها تعود إلى السابع من نيسان/أبريل من العام 1947، الذي شهد الإعلان رسمياً عن ولادة "حزب البعث العربي" الذي أضيفت لتسميته كلمة "الاشتراكي" عندما انضمت إليه "حركة الاشتراكيين العرب" سنة 1952.

ليس من الإنصاف اتهام المؤسسين بأنهم وضعوا أهداف الحزب المعروفة، للضحك على البسطاء، وذرِّ الرماد في عيونهم. فإثبات هذه التهمة يتطلب معرفة سرائر ونوايا المؤسسين، وهذا أمر مستحيل لأن السرائر والنوايا لا يعرفها إلا الله. أما التبِعات الكارثية التي جلبها منتجهم الفكري ذاك، فيعرفها الأعمى والأصم.

لقد وجد حفنة من المتسلقين الطفيليين ضالتهم في الحزب وأهدافه، فاتخذوا منه حصان طروادة للعبور إلى السلطة، ثم راحوا يعيثون فساداً في البلاد والعباد.

أليْس من المضحك والمبكي في آن واحد، أنْ يصبَّ النظامُ جامَ غضبه وهمجيته على الشعب، الذي قرر أن يحقق واحداً – فقط - من أهداف الحزب، الذي يحكم (النظام) باسمه، وينبغي أن يكون المبادر إلى تحقيق أهدافه الثلاثة؟

لقد أدرك السوريون متأخراً جداً أنهم وقعوا ضحية تضليل، أو بالأحرى – مؤامرة، تعود جذورها إلى السابع من نيسان.

فما الذي سيعلق في ذاكرة السوريون عن السابع من نيسان سوى "الغصة" التي تعلق في ذاكرة من يأكل السفرجل.