في الأشهر الأولى لثورة الحرية والكرامة، وعلى وقع أخبار غير رسمية، تتحدث عن تنكيلٍ مُـرَوّعٍ تسومه العصابة الأسدية للسوريين، قرر عدد من الصحفيين المغامرة بأنفسهم للوقوف على الحقيقة.
وفي أواخر سنة 2012، تمكن الصحفي الأمريكي - كيفن دوز- من التسلل إلى سورية عبر تركيا. لكنه سرعان ما وقع في قبضة حاجزٍ تابع لـ"فرع فلسطين" سيِّء الصيت. وفي أقبية ذلك الفرع الإرهابي، تعرف كيفن دوز على طبيب بريطاني من أصول هندية اسمه عباس خان، جاء هو الآخر إلى سوريا لعلاج ما أمكن من السوريين، الذين تقصفهم العصابة الأسدية بشكل عشوائي، دون تمييز بين كبير وصغير، ولا بين معارض ورماديّ.
طلبت السلطات الأمريكية والبريطانية من العصابة الأسدية معلومات عن مواطنيْهما، لكن العصابة الأسدية أنكرت وجودهما لديها. عندها قررت أمُّ الدكتور عباس خان أن تبحث بنفسها عن ابنها. وبعد عناء شديد وتكاليف باهظة، وبمساعدة من السفارتين - الروسية والهندية، تمكنت السيدة فاطمة خان من زيارة ابنها في أقبية فرع فلسطين، في تموز/يوليو 2013.
قالت السيدة فاطمة خان إنها كادت أن تفقد وعيها عندما رأت ابنها - أخصائي جراحة العظام، في"المستشفى الملكي الوطني للعظام". وأكدت أن ابنها حدثها عن تعذيب وحشي يتعرض له كل المعتقلين في ذلك الفرع. وطلب منها أن تُخبِـر السلطات الأمريكية أن ثمة في زنزانة مجاورة لزنزانته يقبع صحفي أمريكي اسمه كيفن دوز.
أنهى سـجّانو فرع فلسطين الزيارة، واقتادوا السيدة خان إلى الخارج مؤكدين لها أن ابنها سيحظى بمحاكمة عادلة. وفعلاً، حضرت الأم المسكينة عددا من جلسات المحكمة لتفاجأ في الـ16 من كانون الأول ديسمبر 2013 بخير موت ابنها. وسلّمتْها العصابة الأسدية شهادة وفاة تؤكد أن ابنها انــتــحـــر!!!
فور انتهاء زيارتها الأولى لابنها، أعلنت السيدة فاطمة خان أن الصحفي الأمريكي كيفن دوز معتقل في فرع فلسطين، وبهذا لم يعد باستطاعة العصابة الأسدية أن تنفي وجوده لديها. ورغم ذلك استمرت في اعتقاله لكن دون تعذيب، ولم يتم الإفراج عنه إلا في الـ8 من نيسان/أبريل 2016 بعد أن اتصل الرئيس الأمريكي بارك أوباما بالرئيس الروسي فلاديمر بوتين طالباً تدخله شخصياً في ذلك الأمر.
عاد كيفين دوز إلى بلده مهشّماً محطماً... وفي مقابلة أجرتها معه الإذاعةُ الأمريكية الوطنية العامة NPR، قال دوز إنَّه يعاني من الآثار الجســدية والنفسية والعقلية، التي خلّـفها التعذيب المروّع الذي تعرّض له في المعتقل السوري. وأوضح: إنني أعاني من إعاقة دائمةٍ، فلديّ تلفٍ دائمٍ في أعصاب قدمٍ واحدة على الأقلِّ، وفي أعصاب المعصمين،،، لا أعرف.. كلُّ شيءٍ يبدو صعباً جداً...
في الـ 5 من تشرين الأول/أكتوبر 2021، رفع كيفين دوز دعوى ضد الحكومة السورية، وتولّت شركة “Miller & Chevalier”للمحاماة، الدفاع عنه.
وفي الـ2 من كانون الثاني/يناير 2024، أصدر القاضي - في المحكمة الجزائية الأمريكية بواشنطن - رودولف كونتريراس، حكماً بإرغام الحكومة السورية على دفع مبلغ 50 مليون دولار، بمثابة تعويض للضحية كيفين دوز عما تعرض له من اختطاف، وسجن، وتعذيب طيلة 4 سنوات.
وأوضحت شركة “Miller & Chevalier”للمحاماة أنّ دوز سيحصل على المبلغ المذكور من "صندوق ضحايا الإرهاب"، الذي تم إنشاؤه سنة 2015 ويجري تمويله من عائدات العقوبات على النظام السوري.. أي من أموال الشعب السوري البائس.
من حسن حظ دوز أن سلطات بلاده عرفت به، ولم تدخر جهداً لتخليصه من براثن العصابة الأسدية المجرمة، وعوضته مالياً عما لقيه من شقاء،،،، لكن،،، مَـنْ لِـملايين السوريين المساكين الأبرياء؟؟؟
