منذ أن وافقت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل على قبول طلبات هجرة لحوالي مليون سوري فروا من سوريا حفاظا على حياتهم وحياة أطفالهم من بطش النظام الأسدي بعد اندلاع الثورة السورية وتوحش النظام في ارتكاب المجازر المروعة في معظم أنحاء سورية. (وبالطبع فإن ألمانيا عندما قامت بهذه المبادرة ليس فقط لإيواء هؤلاء والحفاظ على حياتهم، بل لأنها كانت هي أيضا بحاجة لهم لسد النقص في اليد العاملة، وخاصة أصحاب المهن من أطباء ومهندسين وحرفيين في جميع المجالات، وهي تعلم جيدا أن السوريين أصحاب مهنة وفي مجال إتقان العمل لا يعتورهم شائبة.) لم نسمع عن خروقات قام بها سوريون للقوانين، أو ارتكاب أعمال إجرامية، بيد أن الأمر لا يخلو من شواذ يلطخ سمعة السوري ويشكل نقطة سوداء في نظر المضيف، ولكنه الشواذ الذي يثبت القاعدة العامة. فمليون سوري لجأوا إلى ألمانيا قاموا بالتأقلم مع البلد المضيف، ومع عادات وتقاليد الشعب الألماني، ومع قوانين الدولة، ونظام العمل، والحياة بشكل عام، وهناك الكثير من برعوا وقارعوا الألمان أنفسهم وبزوهم في مجالات عدة. كل هذه الصورة الناصعة يأتي شخص واحد ليعطي صورة مغايرة مشينة، ومسيئة بحق مليون سوري، وبحق الشعب المضيف. فعملية الطعن التي ارتكبها مجرم وإرهابي سوري في مدينة زولينغن الألمانية خلال احتفال بمناسبة ذكرى مرور 650 عاما على تأسيس المدينة، والتي راح ضحيتها ثلاثة أشخاص، وأعلن تنظم "داعش" في بيان عبر حسابه على تيليغرام أن : "منفذ الهجوم على تجمع النصارى بمدينة زولينغن بألمانيا، جندي من (داعش) ونفذه انتقاما للمسلمين في فلسطين" إن هذا العمل الإرهابي مرفوض ومدان ولا يخدم أحدا في ألمانيا أو في فلسطين، ومن قتلوا هم أناس كانوا يحتفلون بتأسيس مدينتهم التي لجأ إليها سوريون أيضا ومنهم القاتل، فما معنى أن تكون ضيفا معززا مكرما وقاتلا؟ لا ننسى أن ألمانيا ومحاكمها ألقوا القبض على مجرمي النظام الأسدي الذين لجأوا إلى ألمانيا متخفين تحت صفة لاجئين، ويحاكموهم على جرائمهم. إن السوريين الذين انتفضوا ضد النظام الهمجي القمعي الطائفي وطالبوا بالحرية والكرامة يرفضون رفضا قاطعا هذه الجرائم ويطالبون كما يطالب كل ألماني بأن تأخذ العدالة مجراها في محاكمة كل مجرم ومخل بالقانون ومستهتر بالحياة الإنسانية.