أين تُباع عزة النفوس؟

صورة من معرض بورتري ديكتاتور
صورة من معرض بورتري ديكتاتور


عرف التاريخ حالات؛ أقدم فيها قادة أو مسؤولون، فشلوا في تحقيق تطلعات شعوبهم، فأقدموا على الاستقالة، مفسحين المجال أمام أصحاب الأفكار والمقاربات الجديدة.

فالكل يعرف "ريتشارد نيكسون" الذي أقدم على الاستقالة من أهم منصب في العالم المعاصر، لأنه وجد من الصعب جداً أن يثبت أنه لم يكن على علم بـ"تصرفاتٍ غير قانونية" ارتكبها أشخاصٌ محسوبون عليه. وجاء في كتاب الاستقالة:

"قررت أن أستقيل لأن مواصلة الصراع لإثبات براءتي، تستنزف اهتمامي واهتمام الكونغرس، في الوقت الذي يجب علينا جميعاً أن نركز اهتمامنا على مكافحة التضخم، وتحقيق الرخاء والازدهار للأمريكيين، وعلى ترسيخ السلام والاستقرار في العالم".

وهناك ديفيد كاميرون، الذي استقال من أحد أهم المناصب في العالم المعاصر، لا لشيء إلا لأن البريطانيين صوتوا بأكثرية بسيطة جداً لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي كان يختلف معهم فيه. لقد اعتبر كاميرون أنه لم يعد يتمتع بالحق الأخلاقي لقيادة شعبٍ صوّت ضد برنامجه. ولم يكتفِ كاميرون بذلك، بل استقال من البرلمان أيضاً لأنه رأى أنه لم يعد يمثل مصالح ناخبيه!!!

وهناك عدد من كبار المسؤولين، الذين أقدموا على الانتحار عندما أدركوا أنهم قادوا بلادهم إلى الفشل أو جيوشهم إلى الهزيمة. من أبرز هؤلاء: أدولف هيتلر، ووزير دعايته – بول يوزيف غوبِلز.

ويعرف التاريخ عدداً كبيراً جداً من العسكريين الذين انتحروا انتقاماً لشرفهم العسكري، من أبرز هؤلاء: قائد مخابرات ألمانيا النازية – هنريك هيملَـر، والمارشال – إرفين رومل، الملقب بـ "ثعلب الصحراء" الذي قرر الإطاحة بهيتلر بسبب سوء قيادته للعمليات العسكرية، وعندما فشل الانقلاب - انتحر. وهناك مارشال الاتحاد السوفياتي – سرغي أخرومييف، الذي انتحر بعد أن فشل الانقلاب على الرئيس السوفياتي السابق – ميخائيل غورباتشوف.

وهناك حالات غير قليلة، أقدم فيها مسؤولون على الانتحار عندما أدركوا أنهم تسببوا بأضرار جسيمة لمن يمثلونهم؛ من هؤلاء: مدير أحد البنوك اليابانية، الذي انتحر لأنه تسبب بخسائر مالية كبيرة لمودعي البنك، وللمستثمرين فيه.

وفي عام 2015، أضرم مسؤولٌ في جمهورية منغوليا، النار بنفسه، عندما وجد أنه غير قادر على تحقيق المطالب العادلة لعمال المناجم.

هؤلاء بشر يمتلكون ضميراً وعزة نفس... أما بشار الأسد، فبعد أن استقدم كل شذاذ الآفاق ليعثوا في "بلاده" قتلاً لـ"شعبه" واغتصاباً لـ"حرائره" وتنكيلاً وتهجيراً لكل من تلفّظ أو همس بكلمة "حرية"، وبعد أن دمّـر ثلث البلاد، وفرّط بسيادتها واستقلالها، وبعد أن جعل السوريين أفقرَ شعوب الأرض، لا يزال يرى أنه يمتلك الحق الأخلاقي في البقاء في منصب الرئاسة. ولهذا استأنفت أبواقُه وأجهزتُه القمعية عملها المعتاد في إفهام المواطنين القابعين تحت سيطرته، بأن عليهم أن يصوتوا له في المهزلة الانتخابية القادمة.