ما إن يظهر منشور يتعلق بالعلويين؛ من قبيل: الخلاف المزعوم بين مؤيدي آل مخلوف ومؤيدي آل الاسد، أو تشكيل مجلسٍ مزعومٍ للضباط العلويين الأحرار، أو انتفاضةٍ مزعومة لأهلنا في الساحل ضد العصابة الأسدية، حتى تنهال تعليقات تتهم "السنة - الأكثرية" بالإقصائية، والطائفية، والتكفيرية، وما إلى ذلك...
الأمر نفسه يتكرر لدى التطرق إلى "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا" أو إلى "قوات سوريا الديموقراطية - قسد" أو إلى ذراعها السياسي "مجلس سوريا الديموقراطية – مسد"، حيث يبادر القوميّون المتطرّفون الكُرد، من أتباع حزب العمال الكردستاني التركي، وفرعه في سوريا، إلى رمي العرب السوريين بمختلف الأوصاف؛ من محتلّين، وبعثيين، وحتى – دواعش...
من خلال ملاحظتي، أستطيع أن أقول إن التهجم على "السوريين العرب السنة – الأكثرية" يكون أخفَّ حدة عندما يدور الحديثُ حول الأقلياتِ الدينيةَ أو المذهبيّةَ أو القوميةَ الأخرى.
إذاً، نحن لا نزال نكرر ما كان رائجاً في الأشهر الأولى لثورة الحرية والكرامة، من أنّ "الأقليات" توقفت عن دعم الثورة، لأنها لم تحصل على "ضماناتٍ" لمستقبل أبنائها في سوريا ما بعد الأسد!!!
قبل الخوض في حقيقة الخطر، الذي بدأت "الأكثرية" – فـجــأة - تًـشكِّله على "الأقليات"، ينبغي البحث عن إجابات على الأسئلة التالية:
- من هي الجهة التي تملك صلاحيةَ تقديم ضمانات لـ"الأقليات" السورية؟ هل هي "المجلس الوطني" أم "الائتلاف"؛ اللذيْن فُرضا فرضاً على الثورة، من جهات؛ لكل منها أهدافٌ تختلف، بل وتتناقض – في الكثير من الحالات – مع أهداف الجهات الأخرى؟
- هل يملك أيٌّ من هذين "الجسميْن" صلاحية إعطاء التعهدات، ومنح الضمانات، خاصة وأن أيًاَ منهماً لم ولا يتمتع بأية صفة تمثيلية على المستوى الوطني؟
- لنفترض جدلاً أن "المجلس" أو "الائتلاف" غنّى لكل "أقلية" ما يُطرب أذنها، هل كان ذلك كافياً لمواصلة الانخراط بقوة في الثورة؟
أنا شخصياً أرى أنّ من الخطأ الجسيم، أن يُـقْدِم أحدٌ على التحدث باسم "الأكثرية" ويبدأ بتوزيع الضمانات يَمنة ويَسرة، لأن ذلك يعني أن "الأكثرية" هي المالكة الحصْرية للبلاد. علماً بأن العقل الجمعي لدى "الأكثرية" لم يكن يُفكر يوماً بهذه الطريقة. ويكفي أن نلقي نظرة على واقع سوريا، قبل عام 1963؛ أي قبل أن يُباشَر بتطبيق سياسة "التطييف الممنهج". لقد كانت كل الأبواب مفتوحة على مصراعيها أمام كل سوري، والأدلة الملموسة على ذلك أكثر من أن تُحصى في مقالة أو حتى في كتاب.
أما الضمانات الحقيقية بالمساواة والتآخي، فتم التعبير عنها في المظاهرات الشعبية، التي كانت "الأكثرية" – عملياً - تقودها، وحرصت على تسمية مظاهرات الجُمع بأسماء رموزٍ محترمة لهذا الطيف السوري أو ذاك، ورفعت شعارات تعبّر عن الوحدة الوطنية، وعن تطلّع الجميع للحرية والكرامة.
أما الشعارات من قبيل "العلوي في التابوت والمسيحي ع بيروت" فيعرف كلُّ عاقلٍ أن الذي ألّـفها وشكل مجموعاتٍ قطيعيةً لترديدها، هو نفسه من أمر بتصوير ضابط يدوس على رأس عسكري منشق، ويصرخ بلهجة علوية فاقعة: "بدكِن حريييي"؟