صدّقت محكمة الاستئناف في باريس على قرار تاريخي بإصدارها مذكرة التوقيف التي أصدرها قضاة تحقيق في حق رئيس النظام السوري المتهم بالتواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في الهجمات الكيميائية القاتلة التي وقعت في آب/أغسطس من عام 2013 والتي راح ضحيتها مئات الأطفال الأبرياء، والنساء والشيوخ التي داهم غاز السارين في مخادهم ليلا وهم نيام. ثبّت القرار القضائي ما قام به قضاة من وحدة الجرائم الإنسانية في باريس من التحقيق في التسلسل القيادي الذي أدى إلى الهجمات على سكان الغوطة الشرقية، التي كانت حينها في أيدي المعارضة السورية، مما أدى لمصرع أكثر من ألف شخص بغاز السارين، ويشير هذا التسلسل القيادي إلى أربعة أسماء بالتخصيص، بشّار الأسد وأخوه ماهر، القائد الفعلي للفرقة الرابعة في جيش النظام، وضابطين هما غسان عباس وبسام الحسن. وكانت المحاكم الفرنسية قد حكمت على رفعت الأسد عم بشار الأسد أيضا بتهمة ارتكاب مجزرة حماة الرهيبة في العام 1982 والتي راح ضحيتها عشرات الألاف من المدنيين والأطفال الأبرياء. وبهذا تكون اكتملت رؤوس المنظومة العائلية في الإجرام ضد الشعب السوري، وهذا القرار التاريخي يعتبر سابقة بإصدار حكم قضائي ضد رئيس دولة في منصبه. وهذه الجرائم تضاف إلى جرائم القتل والتعذيب والمجازر التي ارتكبت في زاوية من سوريا راح ضحيتها أكثر من مليون قتيل ومصاب. إن قرارا كهذا لا شك أنه قرار تاريخي، ومهم وسيكون له عواقب ونتائج، ويكون سابقة لكل من تسول له نفسه استخدام الأسلحة المحرمة دوليا في الحروب. وهو قرار يعترف بوضوح بارتكاب نظام الأسد بمجازر بالأسلحة الكيماوية وهذا ما كان ينكره، بل ويتهم المعارضة باستخدامه. ورغم ذلك كان من الأولى من الولايات المتحدة وإدارة باراك أوباما أن يضربوا الحديد حاميا وقت الجريمة النكراء في العام 2013 لكانوا أراحوا العالم والسوريين من هذا الكابوس، ولم ترتكب مجازر أخرى يندى لها جبين البشرية في معظم المدن والقرى السورية التي عاشت الويلات من المجازر المروعة والبراميل المتفجرة، وصواريخ السكود وسواها من الأسلحة. لكن المصالح الأمريكية تطغى على المباديء والحقوق وهذا ما أكدته إدارة أوباما ومن بعادها إدارة دونالد ترامب، ومن بعدها إدارة جو بايدن التي تنتهج نفس نهج أسلافها إزاء إسرائيل في مجازرها على غزة