لم يمض الأمس مع آخر شمس.
مازال حاضرا في يومنا.
في ذاكرتنا.
حاء، راء، ياء، هاء
حروف خرجت من الحناجر
كالخناجر
حروفك الجارحة، يا أمل كأنك قلتها البارحة.
"حاء..راء..ياء..هاء.."
حروف أنبتت ربيعا في الشتاء
أزهار غوطتنا -يا أمل - على أفنانها مدماة
دمشق الفيحاء مغتصبة،
حلب الشهباء مستلبة،
حمص الوليد ذبيحة،
بأيدي القتلة والشبيحة.
كما قلت انت يا أمل
" والتين والزيتون
وطور سينين
في هذا البلد المحزون"
حاء..راء..ياء..هاء..
حروف نطقتها قصيدتك ويد الموت تخطفك
" أموت .. والنفير
يدق في دمشق
أموت والأعداء
تدوس وجه الحق
وما بجسمي موضع إلا وفيه طعنة رمح
إلا وفيه جرح
إذن، فلا نامت أعين الجبناء"
- يا أمل- لا موضع في جسد سورية
إلا وفيه طعنة رمح
إلا وفيه جرح.
كنا نروي قامات السنابل
نشرب ماء بردى، والعاصي، وتل شهاب،
نرعى، على أشجارها أقطعان البلابل،
نحصد في الأماسي ضحكات فاتنات القلوب
يتبخترن فوق الدروب
اليوم فرت الفاتنات من الدروب
ومن القلوب
بعد أن أشعل المغتصبون النار في العش
والسنبلة
والقش
قلت لنا- يا أمل
" في السنة البعيدة
عن خطر الجندي
عن قلبه الأعمى، وعن همته القعيدة
يحرس من يمنحه راتبه الشهري
وزيه الرسمي
ليرهب الخصوم بالجعجعة الجوفاء
والقعقة الشديدة
لكنه إن يحن الموت
فداء للوطن المقهور والعقيدة
فر من الميدان
وحاصر السلطان
واغتصب الكرسي
وأعلن الثورة في المذياع والجريدة"
هكذا- كما قلت يا أمل- جاءنا الطاغية، أشبعنا جعجعة جوفاء،
وقعقعة شديدة، وأعلنها ثورة في الإذاعة والجريدة
وقال سيقهر الأعداء في الجولان،
فإذا به يقتل الحرية حتى في القصيدة
ويقيد البلابل، حتى الموت، بالسلاسل
خمسون حولا، نبلع السكين بدمها
اليوم نقول كفى
لم يعد يصلح العطار، ما أفسده الطاغية