لا يوجد في الميدان سوى حديدان هذا المثل السوري ينطبق على الشخص الذي يدافع عن قضية ما وحيدا محاطا بكل المتهربين من الواجب. وهذا المثل ينطبق اليوم على مستوى عالم عربي ككل، فبعد مئة يوم من الحرب على غزة، وارتكاب دولة الاحتلال النازية أبشع الجرائم بحق الفلسطينيين وأطفالهم ونسائهم، ومدنهم ومساكنهم، ومنع المساعدات عنهم من أغذية ودواء ووقود في عملية متعمدة لتجويع شعب بأكمله ودفعه للهجرة القسرية، يرين صمت الأنظمة العربية، مئة يوم يسرقون النظر من خصاص الأبواب فقط. لا تعليق، لا إدانة، لا فرض إدخال المساعدات من معبر رفح المصري. منع المظاهرات المؤيدة للشعب الفلسطيني حتى هناك من منع حتى رفع العلم الفلسطيني، في الوقت الذي ترفرف أعلام فلسطين في جميع أنحاء العالم، وتصدح أصوات الملايين بصوت واحد: "أقفوا الحرب الآن"، "فلسطين حرة"، وعلى مستوى الدول لم يأت الدعم الذي ربما سيغير الكثير من المعطيات من جنوب إفريقيا التي وبجرأة كبيرة، رفعت دعوى ضد دولة الاحتلال إلى محكمة العدل الدولية تتهمها بالإبادة الجماعية. وزعماؤنا الأشاوس ما زالوا خلف خصاص الأبواب كمن لا سمع ولا رأى. وحدها سيدة مصرية مسنة وقفت وحيدة وسط شارع في القاهرة تلوح بالعلم الفلسطيني وترتدي الكوفية الفلسطينية محتجة على جرائم دولة الاحتلال في غزة تهتف:" وين الدم، وين الدين، يا رجالة، يا مصريين، والسيارات تمر غير آبهة بها إلى أن جاءت سيارات الأمن كالمعتاد وأوقفتها. هكذا اختزلت أنظمة العرب شعوبها، بإمرأة كإمرأة المعتصم التي صرخت "وامعتصماه" عندما هاجم الروم مدينتها لكن المعتصم رد على ندائها وقام بحملة انتصر فيها على الروم ولبى نداء هذه الإمرأة، لكن امرأة مصر لم يلب نداءها أحد..لأن لا حياة لمن تنادي. وتذكرني امرأة القاهرة، أمرأة القنيطرة، عندما اجتاحت دولة الاحتلال ودمرت المدن وأحرقت القرى في الجولان، وهجرت السكان من منازلهم المهدمة والمحروقة قسريا، وحدها امرأة سورية رفضت الترحيل وبقيت في بيتها تقارع جنود الاحتلال. مشهدان يختصران مآسينا عندما يفرغ الميدان إلا من إمرآة.