الصمت = تواطؤ

جرائم الاحتلال في غزة
جرائم الاحتلال في غزة

تمر الأسابيع تباعا على جرائم دولة الاحتلال في غزة، وتتعاظم أرقام القتلى والجرحى بالمئات يوميا، ويزداد المشهد قتامة مع التدمير الهائل للبنى التحتية والأبنية ومساكن العزيين بأشد القنابل تدميرا قد تستخدم في قتل المدنيين العزل، وخاصة الأطفال والنساء. مشاهد القتلى تحت الأنقاض، وتهجير السكان من شمال القطاع إلى جنوبه واستهدافهم مرة أخرى في خان يونس ومحيطه يؤكد على أن الاحتلال كان يبيت ارتكاب مجازر حرب وضد الإنسانية، ويسعى إلى تدمير غزة كاملة فوق رؤوس الفلسطينيين، بأسلحة فتاكة أهدتها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للربيبة المدللة "للدفاع عن النفس"، إزاء هذه المأساة الإنسانية المروعة، والظلم الذي لم يشهده التاريخ بحق شعب يناضل منذ قرن كامل من أجل حريته واستقلاله وتحرير أرضه من أعتى استعمار استيطاني على مر العصور انتفضت الشعوب الرافضة لجرائم الاحتلال والداعمة للحق الفلسطيني بالعيش فوق أرضه بسلام، وعمت المظاهرات عواصم العالم بما فيها الدول التي تمد دولة الاحتلال بالمال والسلاح والدعم السياسي في واشنطن ولندن وباريس وكانبيرا واوتاوا، وقامت دول بطرد السفير الاسرائيلي وقطع العلاقات الدبلوماسية مع الدولة العنصرية، إلا الدول العربية التي التزمت الصمت المريب، ولم تنبس ببنت شفة بإدانة أو تهديد برد دبلوماسي، أو اقتصادي، ولا يطلب أحد منها تقديم أي دعم عسكري، لأن هذا المطلب أكبر من أن تجرؤ عليه وخاصة الدول المطبعة مع الكيان والتي ما زالت تتصرف وكأن جرائم الاحتلال ترتكب على شعب يقطن قارة أخرى وليس جارا لها وله حدود مع بعضها، وتربطها معه عوامل عديدة لا تعد ولا تحصى. لقد صمت العرب وانحنت هاماتهم خلف أبواب موصدة يسترقون النظر والسمع من خصاصها على ارتكاب الجريمة بإخوانهم مرتعدين على فقدان عروشهم بعد تهديد رئيس وزراء دولة الاحتلال لهم "أنهم إذا أرادوا السلامة فليلتزموا الصمت"، حتى أصبح هذا الصمت تواطؤا، بانتظار الإجهاز على الضحية كي ينعموا بالتخلص منها لأنها مصدر القلق وتحريض الشعوب على الانتفاض ضد الظلم والاستعباد. لقد قالها شاعر فلسطين الراحل الحي محمود درويش:

أَنا يوسفٌ يا أَبي.

يا أَبي، إخوتي لا يحبُّونني،

لا يريدونني بينهم يا أَبي.

يَعتدُون عليَّ ويرمُونني بالحصى والكلامِ

يرِيدونني أَن أَموت لكي يمدحُوني

وهم أَوصدُوا باب بيتك دوني

وهم طردوني من الحقلِ

هم سمَّمُوا عنبي يا أَبي

وهم حطَّمُوا لُعبي يا أَبي

حين مرَّ النَّسيمُ ولاعب شعرِي

غاروا وثارُوا عليَّ وثاروا عليك،

فماذا صنعتُ لهم يا أَبي؟

الفراشات حطَّتْ على كتفيَّ،

ومالت عليَّ السَّنابلُ،

والطَّيْرُ حطَّتْ على راحتيَّ

فماذا فعَلْتُ أَنا يا أَبي،

ولماذا أَنا?

أَنتَ سمَّيتني يُوسُفًا،

وهُمُو أَوقعُونيَ في الجُبِّ، واتَّهموا الذِّئب;

والذِّئبُ أَرحمُ من إخوتي..

أبتي! هل جنَيْتُ على أَحد عندما قُلْتُ إنِّي:

رأَيتُ أَحدَ عشرَ كوكبًا، والشَّمس والقمرَ، رأيتُهُم لي ساجدين؟