عنوان واحد للبربرية في القرن الواحد والعشرين: مجازر دولة الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني. مشفى المعمداني في غزة مشهد يدمي القلب، عائلات بأكملها قضت تحت أنقاضها، وأطفال لا ذنب لهم سوى أنهم ولدوا على أرض فلسطينية محتلة، ومهددة من دولة النازية الجديدة التي لا تعرف ماهي الإنسانية، وكل ما تبحث عنه هو سحق شعب يقض مضاجعها بمطالبته بحقه في العيش على أرضه المغتصبة، دولة تتربع على أكبر مخزون للموت والدمار الذي تستخدمه يوميا لقتل هذا الشعب الصامد من الإعلان عن إنشائها في نكبة 48، مجازر تلو المجار بدء من دير ياسين، وقبية، وكفر قاسم، وانتهاء بالمعمداني..والعالم "المتحضر"، صاحب أدبيات "حقوق الإنسان"، والديمقراطيات الزائفة، يقف إلى جانب الجلاد ضد الضحية، ويمده بأنابيب البقاء والاعتداء والإجرام من أسلحة، ومال، وحماية عسكرية، ليتمادى أكثر في جرائمه البربرية، سبعون سنة ونيف من القتل، سبعون سنة ونيف من الاحتلال، سبعون سنة ونيف من التهجير، سبعون سنة ونيف من تدنيس المقدسات، سبعون سنة ونيف من التوسع الجغرافي واحتلال الأراضي وبناء المستوطنات، سبعون سنة ونيف من عمى هذه الديمقراطيات التي لا ترى إلا من خلال منظار مد أسباب الحياة لوحش بشري في هيئة دولة، المعمداني تكشف اليوم عورات دول العالم "المتحضر" لم يعد هناك أوراق توت كافية لتغطي كل الأكاذيب، والتضليل، والرياء على شعوبها، والضحك سرا وعلانية على لحى العرب لم يعد لهذه الدول أية مصداقية فالراعي يمكن أن يكذب مرة بالتلويح بخطر الذئب، لكن لا يمكنه أن يكذب مثنى وثلاث ورباع، فمواقفه باتت مفضوحة، كيف ستغطي بقعة الدم الكبيرة في المعمداني، كيف ستصم آذان العالم عن سماع صراخ الأطفال والثكالى والمكلومين، كيف ستبرر لدولة البرابرة مجازرها هذه المرة؟ هل ستزيدها سلاحا ومالا؟ هل سترسل مزيدا من حاملات الطائرات، والمدمرات؟ هل ستخترع بذكائها الاصطناعي أكاذيب جديدة لم تعد تنطلي على أحد. لم تعد كل قوى العالم الداعمة للوحش البشري في هيئة دولة أن تزيف الحقيقة، أن تغير الواقع، فالغشاوة السميكة التي وضعت أمام أعين العالم تبددت بعد أن رأت لون الدم الفلسطيني، صار من الصعب إخفاء الجريمة، فكفى أيها العالم المتحضر بالتشدق بحقوق الإنسان، والحرية، والمساواة، والأخوة، فالدم الفلسطيني لن تحولوه إلى ماء، وهو الذي سينتصر طال الزمان أم قصر.