في الوقت الذي تقصف فيه دولة الاحتلال الإسرائيلي قواعد على امتداد الساحل السوري، وتصيب أهدافا عسكرية إيرانية تتمركز حول قواعد روسية، وتتسبب بأضرار بشرية ومادية كبيرة يتوجه رصاص النظام الأسدي إلى صدور المنتفضين ضده بحثا عن الحرية والكرامة في مدينة السويداء. والغريب في الأمر أن النظام وحلفاؤه الفرس وتوابعهم من ميليشيات وخاصة حزب الله، يصدعون رؤوسنا "بالمقاومة والممانعة"، لكن في واقع الأمر لا مقاومة، ولا ممانعة. فالجهد العسكري ينصب على مواجهة الشعب السوري الثائر ضد الإجرام والظلم والفساد والتجويع والخيانة، وينضم إليهم المحتل الروسي الذي جاء لينقذ النظام على عجل مقابل تأمين قواعد عسكرية وبحرية له على الأرض السورية. لقد قامت إسرائيل، ومنذ أن طلب رأس النظام الأسدي النجدة من نظام ولاية الفقيه الذي مده بالمال والسلاح وكل ميليشيات أفغانستان وباكستان وإيران ولبنان الطائفية، وبنت قواعدها العسكرية في أكثر من منطقة على الأراضي السورية، بمئات الضربات الموجعة، دون أن يحرك "المقاومون الممانعون" ساكنا. لقد بدأ حافظ الأسد مقولة "الصمود والتصدي"، و"التوازن الاستراتيجي" في سبعينيات القرن الماضي في الوقت الذي كان يواجه فيه معارضة الإخوان المسلمين، وفرض على الشعب السوري ضريبة باسم "المجهود الحربي"، وقد تقبلها الشعب السوري لبناء جيش قوي بمعدات حديثة لمواجهة الخطر الإسرائيلي، والتوازن الاستراتيجي الذي عمل الأسد على بنائه هو الحصول على ترسانة من السلاح الكيميائي مع معرفته الملية بأنه محرم دوليا، ومن المستحيل أن يستخدمه ضد إسرائيل لأنه لو فعل لكان رد دولة الاحتلال لا يمكن توقعه وربما كان من نوع هيروشيما وناغازاكي، مسحت فيه مدينة أو مدينتين سوريتين ويكون الشعب السوري أول من يدفع الثمن. وتكشفت النوايا الخبيثة فيما بعد بأن الجيش الذي يجهزه، وكل الميليشيات الرديفة من سرايا الدفاع، وسرايا الصراع، والحرس الجمهوري، وأجهزة المخابرات كانت ليس للتصدي للعدو بل لمواجهة أي انتفاضة شعبية وهذا ما حصل في حماة وحلب وسرمدا ومدن كثيرة انتفضت ضده. وحمل وريثه إرث أبيه فاستخدم ترسانته الكيميائية، والعسكرية أيضا ضد الثائرين السوريين وأطفالهم في الغوطة، وخان شيخون، وخان العسل، ودوما، وسواها، واليوم يهيء الأرضية لهجوم على المنتفضين في جبل العرب تحت ذريعة الإرهاب. أما الضربات الإسرائيلية التي تصيب جيشه مثل زخات المطر كأنها على قبله بردا وسلاما، ولا يجد من حرجا القول للمرة الألف:" سنرد في الزمان والمكان المناسبين".