مصائب السوريين عند روسيا فوائد

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع رئيس النظام بشار الأسد (إنترنت)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع رئيس النظام بشار الأسد (إنترنت)

روسيا - أيضاً - أحيت الذكرى السنوية العاشرة لانتفاضة السوريين على نظام القمع والإفقار والفصل الطائفي، ولكن بطريقتها الخاصة؛ المنبثقة عن فهم قادتها للأمور وتفسيرهم لها. حيث أصر معدّو التقارير الصحفية المطولة ، التي بثتها قنوات التلفزة، على الربط بين الغرب، من جهة،وثورات الربيع العربي،  من جهة أخرى. وهذا ليس مستغربا لمن يعرف أن غالبية وسائل الإعلام تقع بشكل مباشر، أو غير مباشر، تحت سيطرة الدولة، التي تترأسها مجموعة لم تستطع بعد الخروج من أسر الفكر السوفياتي.

وبما أن الحديث أخذني بشكل غير مقصود إلى التنافس المزمن بين الشرق والغرب، أود أن أوضح أن أهمية سوريا تراجعت كثيراً - بالنسبة لموسكو - منذ أن أطلق الزعيم السوفياتي – ميخائيل غورباتشوف، عملية الـ "بيريسترويكا" (إعادة البناء).

بعد تفكُّك الاتحاد السوفييتي (في 25/12/1991) وإمساك "بوريس يلتسين" بزمام الأمور في روسيا الجديدة، أعرضت موسكو بشكل شبه تام، ليس فقط عن دمشق، بل وعن كافة العواصم الصديقة سابقاً. وظل الأمر هكذا حتى آخر يوم من الألفية الثانية، عندما تنحى "يلتسين" عن منصبه، مفسحاً المجال أمام "فلاديمير بوتين"، الذي يجب أن يخلفه - حسب مقتضى الدستور - كونه رئيس الوزراء.

لم يُخْفِ "بوتين" أبداً حنينه للحقبة السوفياتية، وتجلى حنينه هذا في العمل الدؤوب على إعادة بناء القوات المسلحة، وفي انتهاج "سياسة خارجية هجومية".

بذل بوتين جهوداً كبيرة لتمتين وإنعاش علاقات روسيا بشقيقاتها السوفييتيات السابقات. ساعده في ذلك مزاج غالبية الشعب الروسي، التي شعرت بالحزن على فقدان صفة "الدولة العظمى" دون أن تحصل بالمقابل على ما كانت تحلم به من تحسن في مستواها المعيشي.

عندما بدأت إرهاصات الربيع العربي، كان بوتين قد نجح في استعادة جزء كبير من هيبة الجيش الروسي وقوته، مستفيداً من الارتفاع القياسي في أسعار النفط والغاز.

استغل بوتين التدخل العسكري الغربي في ليبيا لإقناع الشعب الروسي بأن الغرب يستخدم القِوى المتطرفة والإرهابيين، لإسقاط الأنظمة التي ترفض السير في ركبه، وبالتالي فإنه (الغرب) ليس من المستبعد أن يستخدم هذه القِوى ضد روسيا في فترة لاحقة، خاصة وأنه فعل ذلك - حسب زعمه – في جمهورية الشيشان.

استخدم بوتين الثورة السورية ليستعيد وضع روسيا كدولة عظمى. حيث دأب على استخدام الـ "فيتو" لإحباط كل قرار يهدف إلى تخليص السوريين من نظام القمع الهمجي. وأوعز لوسائل إعلامه لتشويه صورة المعارضة والثوار السوريين، ونعتهم بالإرهابيين والتكفيريين. وأعطى إشارات واضحة لرأس النظام السوري وحُماتِه الإيرانيين، بأنه سوف يتدخل بالثقل العسكري اللازم لمنع إسقاط النظام، إذا ما تلقّى مثل هذا الطلب... وكان له ما أراد.

لا شك في أن تأثير روسيا في الأحداث العالمية، يختلف تماماً عما كان عليه لدى اندلاع ثورة الحرية والكرامة في سوريا. ولن نكون مبالغين أو مجافين للحقيقة إذا قلنا إن روسيا مدينة للدم السوري في الموقع الذي تحتله اليوم في العالم.