(عن القدس العربي)
تداول السوريون كلمة “شبيحة” ومفردها “شبيح” كصفة لمجموعة كبيرة من الشباب الذين انخرطوا في تنظيم أنشأه نظام الأسد للقيام بالأعمال “القذرة” كي لا يحاسب عليها لو نسبت إليه.
وكلمة شبيحة تنطبق على هذا التنظيم لأن معظم أفراده إذا لم يكن جميعهم من طائفة رئيس النظام وتم تجنيدهم لمواجهة أي تمرد، أو عصيان، أو حتى احتجاج بالعنف الجسدي مباشرة وهم الذراع لأجهزة المخابرات التي تعطيهم أيضا الأوامر لمهمات قتل، أو سحل، أو اعتقال.
الاعتداءات الجسدية
وقد دبوا الرعب بين المواطنين بعدد جرائمهم، التي تعدت الاعتداءات الجسدية إلى سرقات البيوت أو ما يطلق عليه في سوريا “بالتعفيش” أي سرقة أدوات المنزل وأثاثه ومحتوياته التي تباع في “سوق الحرامية” المعروف بهذا الاسم للقاصي والداني دون حسيب أو رقيب، بل أن نظام الأسد هو الذي سمح بسرقة منازل المواطنين كتعويض عن ضعف رواتب “الشبيحة” بعد انخفاض سعرة العملة السورية وارتفاع نسبة التضخم. ووجد هؤلاء ضالتهم فصار همهم اليومي البحث عن البيوت التي هرب منها أصحابها بعد الثورة “لتعفيشها” وسكنها وبعضهم يتمكن من تحويل ملكيتها له بطرق قانونية ملتوية، وأوراق مزورة. وسبب تسمية هؤلاء بالشبيحة كون الكثير منهم كان يمتلك سيارات مرسيدس “الشبح” و”يشبحون” في شوارع المدن السورية، وبعد الثورة صاروا أشباح الموت لكثرة المجازر التي ارتكبوها بحق السوريين وتحديدا المسلمين السنة، ولهذا السبب فإن 99 في المئة من اللاجئين السوريين هم من المسلمين السنة، وعودتهم إلى أحضان النظام تعني عودتهم ليكونوا تحت رحمة” الشبيحة” وأجهزة المخابرات. وقد عمد بعضهم نشر صور أجسادهم على وسائل التواصل الاجتماعي بعضلات منتفخة وهيئات إجرامية وهم يحملون أسلحة ومسدسات مع خلفية لصور بشار الأسد لبث الرعب في الناس.
مجازر وجرائم حرب
قامت لجنة من المحققين (وهي منظمة غير ربحية أسسها محقق مخضرم في “جرائم الحرب” ويعمل بها 45 محاميا جنائيا دوليا) بإنجاز تحقيق نشرته ” لجنة العدالة والمساءلة الدولية” تضمن 7 وثائق تظهر إنشاء ما يسمى بـ “اللجان الشعبية” (أطلق هذا الاسم على مجموعات شبيحة النظام) بعد تدريبهم وتوجيههم وتسليحهم. وجاء في التحقيق أن “النظام الأسدي خطط ونظم وحرّض ونشر الشبيحة منذ بداية الثورة في آذار/ مارس 2011.
وتضمنت الوثائق التي اعتمدت على عشرات الأوراق التي جمعت من منشآت حكومية أو عسكرية بعد سقوط الأراضي في أيدي المعارضة، التوجيهات الأولى التي صدرت تاريخ 18نيسان/ أبريل 2011، وأمرت بتدريب “اللجان الشعبية” (الشبيحة) على استخدام الأسلحة ضد المتظاهرين، وكيفية اعتقالهم وتسليمهم لمراكز الأمن. ويقول بعض ناشطي حقوق الإنسان الذين درسوا دور الشبيحة في الحرب السورية إن نظام الأسد استخدم هذه الجماعات في البداية لإبعاد نفسه عن العنف على الأرض.
ووثق التحقيق 9 مجازر مروعة ارتكبها “الشبيحة” في كرم الزيتون في مدينة حمص في آذار/مارس 2012. وأكد أحد الشهود أن زوجته وخمسة من أطفاله كانوا من بين ضحايا المجزرة.
محققو الأمم المتحدة
وكان محققو الأمم المتحدة خلصوا عام 2012 إلى وجود أسباب معقولة للاعتقاد أن ميليشيات الشبيحة ارتكبت جرائم ضد الإنسانية، وتشمل القتل والتعذيب وجرائم الحرب، مثل الاعتقال والاحتجاز التعسفيين والعنف الجنسي والنهب.
وعلى الرغم من عدم وجود محكمة جرائم حرب دولية ذات اختصاص قضائي حول سوريا، إلا أن هناك عدداً من قضايا “الولاية القضائية العالمية” في دول مثل هولندا والسويد وفرنسا وألمانيا التي تمتلك قوانين تسمح لها بالتحقيق في جرائم الحرب حتى لو تم ارتكابها خارج أراضيها.
واعتبرت أن الوثائق المتعلقة بممارسات الشبيحة قد تكون “أدلة ضرورية” تربط الشبيحة بالنظام السوري في قضايا العدالة الدولية.
لجنة أممية
قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة بإنشاء مؤسسة “مستقلة” للكشف عن مصير “المفقودين” في سوريا، ورحب الاتحاد الأوروبي بهذا القرار الذي يسعى إلى تقديم الدعم وتلبية احتياجات الضحايا والناجين وأُسر المفقودين وإيضاح مصيره، وأشارت أن “سوريا تضم أكبر عدد من المحتجزين والمختطفين والمفقودين في العالم بسبب الصراع الحالي.
وحصل القرار على موافقة 84 دولة مقابل رفض 11 دولة، فيما امتنعت 62 دولة عن التصويت، بينها معظم الدول العربية. ويهدف القرار إلى الكشف عن مصير أكثر من 100 ألف مفقود في سوريا، وتحديد مكانهم، وتقديم الدعم للضحايا وذويهم.
ويتعين على الأمين العام للأمم المتحدة تطوير “إطارها المرجعي” في غضون 80 يوماً، بالتعاون مع المفوض السامي لحقوق الإنسان. ووصف الاتحاد الأوروبي الآلية الجديدة بأنها حتمية وإنسانية.
ولاقى قرار الجمعية العامة ترحيب لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا التي وصفته أنه خطوة تاريخية طال انتظارها.
ولم تنشر “لجنة العدالة” جميع الوثائق التي استندت إليها، قائلة إن بعضها يستخدم في التحقيقات الجارية في الدول الأوروبية.
وبالرغم من عدم وجود محكمة جرائم حرب دولية ذات اختصاص قضائي حول سوريا، إلا أن هناك عدداً من قضايا الولاية القضائية العالمية في دول مثل هولندا والسويد وفرنسا وألمانيا التي تملك قوانين تسمح لها بالتحقيق في جرائم الحرب حتى لو تم ارتكابها خارج أراضيها.
واعتبرت أن الوثائق المتعلقة بممارسات الشبيحة قد تكون “أدلة ضرورية” تربط الشبيحة بالنظام السوري في قضايا العدالة الدولية.
الدول العربية من جانبها اتخذت موقفاً صامتاً حيال القرار، باستثناء قطر والكويت، اللتين صوتتا لصالحه فيما، امتنعت 13 دولة عربية عن التصويت هي: لبنان والعراق ومصر والسعودية والجزائر والبحرين والمغرب والإمارات وجيبوتي واليمن والأردن وعمان وتونس.
كاتب سوري