بعد جولة حاسمة من الانتخابات الرئاسية في تركيا أظهرت أن الشعب التركي لا يزال يثق بباني تركيا الحديثة الرئيس رجب طيب أوردغان، ففوزه على تحالف المعارضة بزعامة كمال كليتشدار أكد أن الأتراك صوتوا لتيار الاستقرار والاستمرار، فحزب العدالة والتنمية قد استطاع خلال فترة حكمه من تحقيق إنجازات كبيرة في تركيا التي أصبحت من كبرى اقتصاديات العالم، والتقدم الصناعي والعلمي، وأصبحت قوة عسكرية لا يستهان بها ويحسب لها كل حساب على المستوى الإقليمي. وقد بنى أوردغان علاقات متينة مع معظم دول العالم العربي، وكان نصيرا قويا للقضية الفلسطينية، ودعم المعارضة السورية ضد حكم الاستبداد الأسدي، واستقبل حوالي 4 ملايين لاجيء سوري هربوا من بطش النظام الذي ارتكب بحق الشعب السوري من مجازر ما لا يرتكبه أعتى الطواغيت في العالم على مدى التاريخ البشري. وقد شكلت مشكلة اللاجئين السوريين مادة انتخابية دسمة ارتكزت عليها المعارضة التركية للفوز بالانتخابات ووعدت بطردهم من تركيا في حال الفوز على حزب العدالة والتنمية. لكن الشعب التركي قال لا لبرامج المعارضة. لكن الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات أيضا هو النظام السوري، وبشار الأسد الذي كان يعول على خسارة أوردغان الذي وقف في وجهه ويؤيد فوز كليتشيدار (العلوي ومن نفس طائفته) الذي وعد الأسد بسحب كل القوات التركية من شمال غرب سوريا دون قيد أو شرط. ورغم أن تركيا فتحت باب التطبيع مع النظام السوري بضغوط من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلا أن هذا الباب نصف مفتوح، أو نصف مغلق لأن أوردغان ردا على شرط الأسد بسحب القوات التركية من سوريا، وضع شروطا يجب على الأسد أيضا تحقيقها وهي القضاء على قوات سوريا الديمقراطية "قسد" المرتبطة مع حزب العمال الكردستاني المصنف إرهابيا من قبل تركيا وأكثر من دولة غربية، وهذا ليس بمقدوره القيام بها لأنه سيصطدم بالقوات الأمريكية الداعمة ل "قسد". وهكذا جاء فوز أوردغان بانتخابات حرة، وديمقراطية، ونزيهة، ليخيب آمال نظام ديكتاتوري طائفي، فخسارة أوردغان لو تحققت ستكون بمثابة انتصار له، لكن الرياح جاءت بعكس ما يشتهي ربان مركب تهريب الكبتاغون.