توالت كلمات مندوبي دول العالم على آذان الشعب السوري المكلوم في اجتماع مجلس الأمن خلال الذكرى العاشرة للثورة، وكأنها حبات مطر تحاول أن تزيل جزءاً من معاناتهم، فمن تركيا وفرنسا إلى ألمانيا وبريطانيا وأمريكا تحدث الجميع عن مأساة العصر، وشجب الجميع ممارسات الأسد ونظامه بحق الشعب السوري، حتى الجامعة العربية التي كانت تنادي منذ أيام بعودة الأسد إلى مقعده، رأت الفرصة مواتية لتحجز كرسياً بين المتحدثين، ولو من خارج اجتماع المجلس، وكأنها لا تعلم أنَّ صوتها ضربٌ من نشاز اللا معنى، سواء توافق مع أقرانها من دول العالم (المتحضر) أو عارضها.
كلمات عديدة تلاها مندوبو الدول، تتحدث عن بلدٍ أحرقها ديكتاتورها، وشرد شعبها حتى بات سقفه خيمة متهالكة يتسلل منها برد الشتاء وقطرات المطر، فباتت تضيق ذرعاً بأسرة شردها قصف هنا واجتياح وحشي هناك بعد أن كانت ملاذاً لها. كلمات تروي مآسي شعب عانى ما عاناه طوال عشرة أعوام، ليكون العالم شاهداً حيادياً على جرائم تجري أمامه، ولم تكسر مناشدات السوريين الكثيرة جليد مواقفه أو تثنيه عن مواصلة كلامه المجاني المتوائم دوماً مع عجزه أو تقاعسه عن مواجهة هذا الإجرام ومحاولة إيقافه.
مندوبو الدول تحلقوا بالأمس حول طاولةٍ مستديرة، متشوقون حتى الثمالة لسماع ما يجري في دولة مزقتها الحرب، وكأنهم غافلون عن مآسيها، أو يسمعون قصصها للمرة الأولى، يناشدون مجرماً بإيقاف إجرامه، أو يتوسلون حلفاءه المظللين له في عصابتهم لثنيه عن الاستمرار في القتل، أو إخراج معتقل من سجنٍ باردٍ تفوح منه رائحة الرطوبة والدم.
نشرات الأخبار، أوراق الصحف، تناقلت بكائيات المندوبين، ودموعهم المنهمرة على شكل كلمات مكررة لدرجة الملل، وسيل الاتهامات الموجهة لهذه الجهة أو تلك، حتى ليَتَوهم المتابع أنَّ جلستهم ستنتهي بقرارٍ جريء يزيل الغم عن شعبٍ لطالما انتظر الخلاص، إلا أنهم آثروا أن ينهوا جلستهم تلك بإعادة التأكيد على موقفهم البارد تجاه مأساة السوريين، وكأنهم يقولون أن لا تغيير حقيقي سيحدث قريباً، فالذكرى العاشرة للثورة كانت بالنسبةِ لهم مُنَاسبة للاجتماع فيما بينهم وتبادل أطراف الحديث عن ما يجري في سوريا، والتذكير أنهم موجودون بكلماتهم فقط، كي لا يزعجهم صوت السوريين المطالبين بحقهم في الحياة.