عرفتها في نهاية ثمانينات القرن الماضي عندما أسسنا المنتدى السوري المعارض لنظام حافظ الأسد في باريس والذي ترأسه الراحل المخرج الفذ عمر أميرالاي، وكانت أولى المنتسبات إليه مع أختها هالة. ثم عملنا معا في إذاعة الشرق حيث كانت تقدم تحليلات سياسية حول أحداث الساعة، ثم شاءت الأقدار بعد غياب أن نلتقي مجددا في المجلس الوطني السوري تحت رئاسة الدكتور برهان غليون، وكانت وجها قديرا محترما تحظى بتقدير الجميع، كنا نجتمع في مكتبها في باريس حيث التقيت لأول مرة بالأستاذ القدير جورج صبرة، كنت دائما تلميذا صاغيا لبسمة أتعلم منها الدبلوماسية الرفيعة، ودقة التحليل، والرأي الثاقب. كنت أرى فيها وزيرة خارجية سوريا الحرة، وهي أعلى من هذا المنصب، كانت كأبيها الدبلوماسي الرفيع ناظم قضماني المعارض لنظام الطائفية الأسدي، مثالا للمرأة الرفيعة الثقافة، المناضلة من أجل حرية سوريا. مع التواضع الكبير. لقد أجحف القدر بحقها، وبخسارتها أجحف أيضا بحقنا وحق سوريا، سنفتقدها كثيرا، وستبقى في ذاكرتنا والذاكرة السورية. إنه من الصعب الإحاطة بكل ما قامت به بسمة من أعمال ونشاطات، وكتب، ومقالات، ومناصب تقلدتها، وجامعات ومراكز بحوث شاركت بها أو قامت بالتدريس فيها وخاصة جامعة السوربون حيث حضرت لها أكثر من محاضرة، وتخرج على يدها عشرات الطلبة الفرنسيين والعرب. كانت تحظى باهتمام المعاهد الفرنسية للبحوث، وكرمتها فرنسا بوسام الشرف، وحصلت على جائزة ريمون جوريس للإبداع في العمل المجتمعي لدورها في تأسيس مبادرة الإصلاح العربي لدعم الديمقراطية في المجتمعات العربية. كانت قضية فلسطين هاجسها أيضا فأولادها فلسطينيون من طليقها الفلسطيني الصحافي نبيل درويش، وقد أصدرت كتابا بعنوان " الشعب الفلسطيني في المنفى" باللغة الفرنسية التي كانت تتقنها إتقانا تاما، بالإضافة للانجليزية والعربية، وحصلت على جائزة جمعية فرنسا ـ فلسطين. وهذا غيض من فيض لما قامت به بسمة التي لم تبتسم لها الحياة بعد أن أصابها المرض العضال، ولم يمهلها. توفيت عن خمس وستين سنة، كانت تحلم كل حياتها الثرية بالعلم والثقافة والعمل الجدي أن تخدم سوريا، وما قامت به في المجلس الوطني، ثم الائتلاف، والمفاوضات، واللجنة الدستورية يستحق كل تقدير، وأنا يا صديقتي الراحلة عنا، كم كان خبر فراقك أليما ومحزنا لأنك سكنت في قلوبنا جميعا، يا زهرة السوريين. في هذه اللحظة الحزينة، يا سيدتي بسمة، ليس لي سوى أن أنحني لك احتراما.