مع كل منعطف خطير للثورة السورية ومستقبل الشعب السوري، يلتفت هذا الشعب المكلوم يمنة ويسرة بحثا عن معين يتكلم باسمه، يدافع عن حقوقه، ويرسم له أملا حتى ولو كان بعيدا. وكما لكل ثورة قيادة تقودها، ولها صوت إعلامي يتحدث باسمها، فأين قادة الثورة السورية؟ وأين صوتها؟. منذ انطلاقة الثورة المجيدة في سوريا، ثورة شعب على الظلم، والقهر، والتعسف، والفقر، وانسداد الأفق، لم تجد هذه الثورة العظيمة التي دفع السوريون دماء أبنائهم من أجلها من يمثلها ويمثل آماله في التخلص من نظام يجثو فوق أنفاسه منذ زهاء نصف قرن ونيف. اليوم يشهد الشعب السوري انعطافه حادة وخطيرة في مسار ثورته، وتطلعاته، وآماله في محاولة بعض الدول التطبيع مع النظام الذي قتل أبناءه ودمر مدنه وقراه وأفقره حتى الجوع والمرض وأفقده الحس بالإنسانية، فأين هو الصوت الذي يمثل وجع هذا الشعب المكلوم؟ فاليوم بات الشعب السوري مجهول المصير، هل يحتم عليه البقاء تحت ربقة هذا النظام ويدفع من دمه ثمنا لمصالح دول أخرى لا تعنيه وليس له فيها ناقة أو جمل؟ وما عملية الاعتداء على رئيس الائتلاف الوطني السوري سالم المسلط (رغم إدانتنا لهذه العملية)، سوى تعبير محزن ومقلق عن شعور الشعب السوري برفض هذا الائتلاف الذي يعتبر أنه يمثله منذ سنوات عشر ليدافع عنه وعن ثورته ولكنه تحول إلى مؤسسة لاحول لها ولا قوة لا تمثل سوى نفسها .
في هذا المنعطف المفصلي الذي سيبنى عليه مستقبل سوريا والسوريين لا بد من بنية مؤسسية معارضة تدافع عن حقوق السوريين في الحرية والعيش الكريم، وتقول كلمتها في المحافل الدولية، وتواجه عمليات التطبيع التي ليس من شأنها سوى تعويم نظام متهالك لا يملك من مقومات تسمح له بالاستمرار في حكم سوريا سوى دعم دول خارجية ترى في سوريا لقمة سائغة، كل دولة حسب مصالحها الخاصة، ولا أحد يحسب حساب الشعب السوري ولا يأخذ بعين الاعتبار كل تضحياته وآلامه ومعاناته. لقد أجرم النظام السوري بحق هذا الشعب الأبي، وبحق سوريا العظيمة.