رحل أحمد الحفناوي الثائر التونسي الذي أطلق مقولة: "هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية"، ليلة سقوط نظام زين العابدين بن علي في تونس، رحل وبقيت مقولته الشهيرة التي خرجت من حنجرته كتعبير عن مدى الظلم والقهر الذي عانى منه الشعب التونسي، ومعه كل الشعوب العربية، فكلمة هرمنا اشارت إلى نفق زمن التسلط والديكتاتورية والفساد الطويل الذي رزح تحته شعوب لم تر فجر الحرية والانعتاق من نير الحاكم الأوحد المتجبر المتكبر الفاتق الناطق الشارب من وادي عبقر له الأسماء الحسنى الذي لا يجاريه أحد من شعبه والذي تلصق مؤخرته في كرسي الحكم حتى الممات، لقد هرمت الشعوب العربية تنتظر اللحظة التاريخية ترى فيها سقوط الرؤوس المدججة بالحقد والكراهية والإجرام لشعوبها ومستعدة أن تقتل نصف شعوبها من أجل الكرسي المقدس الذي لا يجب أن يعلوه إلا من تسلح بالبسطال العسكري السلاح القاتل الذي دفعت ثمنه الشعوب كي يدافع عنها من عدو خارجي يتربص به، فإذا بالحاكم الأوحد يستنجد بالعدو ضد الشعب الذي ثار ضده، هذا ما حدث في دول الربيع العربي التي استنجد حكامها بكل أعداء العرب، وزناة الليل ليخربوا البلاد، ويقتلوا العباد، ثم يصيحون بأعلى أصواتهم بأنها مؤامرة كونية ضدهم، وهم يسترقون السمع على اغتصاب الأوطان، وآلاف مؤلفة تركب بحر الموت، وتشق الوهاد والنجاد هربا من سكاكين الذبح من الوريد إلى الوريد، ومن الأسلحة بكل أنواعها حتى الكيماوي منها وينتشرون في العراء كلقمة للبرد والجوع والمرض. لقد هرمنا ولم نر اللحظة التاريخية التي ننعم بها بالحرية، وبالكرامة الإنسانية، وينام أطفالنا في أسرتهم قريرين العيون هانيها، ببطون ملأى، وأحلام جميلة بمستقبل مضيء. رحم الله أحمد الحفناوي كان صوت فرد تكلم بكل أفواه العرب.