ما عجز عنه السياسيون يحققه الرياضيون، أمل وحدة العرب الذي يتمناه كل عربي حققه فريق المغرب "أسود الأطلس" بفوزهم التاريخي على فريق البرتغال في مونديال قطر لكرة القدم. هذا الإنجاز غير المسبوق ألهب أفئدة العرب من المحيط إلى الخليج فخرجوا يهتفون ويهنئون وامتلأت شوارع المدن العربية المحتفلين بالإنجاز المغربي. حتى في المناطق المحررة من سورية في محافظة إدلب خرج السوريون حتى من خيامهم ليهيئوا الفريق المغربي بانتصاره. هذا الانتصار إذا نم عن شيء فهو ينم ليس فقط عن إنجاز رياضي عالمي أبهر العالم وعشاق كرة القدم، وأحزن الفرق التي فاز عليها (كندا، إسبانيا، البرتغال)، وهم من عتاة فرق كرة القدم تاريخيا. وأبكى نجم البرتغال كريستيانو رونالدو، فهو أجج الشعور العربي بأنه متوق لإنجاز نجاح ما على مستوى العالم، ويثبت أنه قادر على اللحاق بركب الأمم المتقدمة التي منعه منها أنظمته التي أدخلته في متاهات الكراسي والمآسي، هذا الاحتفاء الذي لا مثيل له في المدن العربية أيقظ الروح العربية، وأثبت أن العرب أمة واحدة يجمعها الإنجاز والنجاح والتقدم، وليس الفقر والتخلف والاستبداد. كما أن هذا العرس الكروي كان عرسا فلسطينيا بامتياز فالمدرجات امتلأت بالإعلام الفلسطينية، والفرق العربية حملته في ساحات الوغى الكروية، ونبه العالم أجمع إلى قضية منسية أو متناساة، وجعل دولة الاحتلال تعترف بأن التطبيع لا يجدي نفعا مع الأنظمة ولكن يجب أن يكون مع الشعوب، ولكن هيهات.. فالصحافي الإسرائيلي الذي جاء ليغطي احداث المونديال تلقى صفعات من كل عربي تقدم إليه ليحادثه، واعترف بالقول: "أنهم يكرهوننا" فبالطبع يكرهون دولة احتلال وعنصرية ومغتصبة لأراضي فلسطين، ومدنسة للمقدسات الإسلامية. وكانت هذه رسالة واضحة أن فلسطين هي في قلب كل عربي جيلا بعد جيل. ومن الملاحظ أيضا أن في سوريا اقتصر الاحتفال بانتصارات المغرب على المناطق المحررة، أما المناطق تحت سيطرة نظام الأسد فلم يجرؤ أحد على إبداء فرحته أو التظاهر خوفا من بطش نظام القمع والمخابرات والشبيحة التي تعد على كل مواطن أنفاسه. السوري اليوم يبارك للإخوة أسود الأطلس انتصاراتهم، مع الأماني لانتصارات جديدة تبهر العالم أكثر، وتجدد لحمة العرب.