فوز الفريق السعودي على فريق المتة (الأرجنتيني) سيبقى في تاريخ كرة القدم كأكبر مفاجأة كروية في المونديال، وضربة قاسية جدا لفريق كان يقدم نفسه كمرشح لنيل كأس مونديال قطر. نحن في السوري اليوم نقول مبروك للمملكة العربية السعودية لهذا الفوز الجميل الذي أثلج صدر العرب من الماء إلى الماء. ونهنيء قطر على هذا الجهد الرائع والنظام الدقيق لتغطية كأس العالم رغم كل أقاويل الحساد " فهي "خلت العوازل يفلفلو" اليوم تعطي دول الخليج العربي مثالا رائعا للنجاح والتألق على أكثر من صعيد. عمرانيا، واستثماريا، ورياضيا، وزراعيا..وباتت على قائمة الدول التي يشار إليها بالبنان. وكل هذا النجاح هو ثمرة نصف قرن تقريبا من العمل والجهد والتخطيط للوصول إلى هذه المستويات التي باتت محط أنظار العالم. اليوم أعود بذاكرتي عندما كنا نحن السوريين ضحايا البروباغندا البعثية العبثية، كنا نسمع في كل محفل، وكل مناسبة، وكل خطاب وما كان أكثر من الخطب النارية التي كانت تصم آذاننا وتسمعنا عنتريات فارغة عن صمودنا وتصدينا وعن خطط خمسية ستضع بلادنا على معارج الازدهار والحضارة، وصور القائد الملهم وهو يقض الأشرطة الحريرية الحمراء عن مشاريع صناعية وسكنية وبنى تحتية، وفي الواقع لم تكن سوى فقاعات صابونية سرعات ما تزول. الخطاب الذي كان يتردد ولا يزال هو التصدي لأعداء ثورتنا، ثورة آذار المجيدة: الامبريالية، والصهيونية العالمية، وإسرائيل، والرجعية العربية، وكان يقصد بها دول الخليج تحديدا. اليوم الدول التي كانت تقدم نفسها كدول تقدمية أظهرت جليا بأن كل أقاويلها لا تمت للواقع بصلة فالدول التي كانت تصمها "بالرجعية" أصبحت في طليعة الدول العربية، ومكانتها على الصعيد العالمي أفضل بكثير من مكانة الدول "التقدمية" التي من الأفضل اليوم تسميتها بالدول "التخلفية" ومن سخرية التاريخ أن هذه الدول وفي مقدمتها سوريا، دمرت نفسها بنفسها وأعداؤها هي أنظمتها رغم صراخها بأنها "مؤامرة كونية". لقد دمر النظام السوري وحزب البعث سوريا مهد الحضارة الإنسانية، وشرد شعبها، ودمر نظام صدام حسين والبعث العراقي حضارة بلاد الرافدين وشرد شعبها أيضا، ودمر نظام القذافي ليبيا، ودمر نظام علي صالح اليمن وشرد شعبه، مع أن هذه الدول التي بليت بالأنظمة "التقدمية" كان لديها كل الإمكانيات المادية والبشرية لتصبح في طليعة الدول العربية، وبل ودول ما يسمى ب"العالم الثالث". لقد أظهر العرس الكروي القطري أن هذه الدولة الصغيرة بمساحتها وعدد سكانها أنها كبيرة في طموحاتها ونجاحها وتألقها، واليوم سطرت أسمها عاليا في عالم الكرة على مدار الكرة الأرضية.