يحتدم الصراع في الانتخابات النصفية الأمريكية بين الحزبين المهيمنين على السياسة والحكم في أمريكا منذ دهر طويل وكلا الحزبين يعتمدان شعارين من حيوانات هذا الكوكب، الديمقراطي اعتمد الحمار، والجمهوري اعتمد الفيل، وتأتي قصة الحمار الديمقراطي من المرشح الرئاسي أندرو جاكسون الذي اختار حمارا ألصق على ظهره شعار حملته الانتخابية ودار به في منطقته الانتخابية للترويج لبرنامجه الانتخابي، وتحول الحمار إلى رمز سياسي للحزب الديمقراطي بشكل واسع النطاق في العام 1870، عندما عمد رسام الكاريكاتير توماس ناست الذي كان يعمل لصالح مجلة هاربر الأسبوعية إلى اختيار حمار أسود اللون «عنيد» كرمز للحزب الديمقراطي. أما الفيل فقد ظهر في انتخابات عام 1860 التي خاضها أبراهام لينكن عندما كانت الولايات المتحدة مقسمة بين شمال وجنوب، وتحول الفيل إلى شعار سياسي في العام 1870 عندما قام رسام الكاريكاتور توماس ناست عندما رسم الفيل مذعورا بسبب خروج الحزب عن قيمه الليبرالية حسب تعبيره. ومنذئذ تحول الحيوانان إلى رمزين يتصدران الحملات الانتخابية ويدران مبالغ طائلة من تجارة الترويج بطباعة صورهما على الأواني والألبسة وما شابه ذلك. الديمقراطيون اختاروا الحمار الذي من صفاته أنه عمول صامت لكنه حرن، والجمهوريون اختاروا الفيل الذي من صفاته أنه ضخم، يأكل كثيرا، وإذا دخل متجرا للزجاج يحطم كل شيء. وفي الواقع أن الحيوانين في الطبيعة لا يهاجم أحدهما الآخر لو التقيا، وأن هذين الحيوانين كشعارين تم اعتمادهما بسبب رسمين ساخرين من قبل رسام واحد. أي بعبارة أخرى أنه رمزيا لا فرق بينهما كثيرا. لكن في الآونة الأخيرة ومع انتخاب دونالد ترامب بدا أن الفيل قد دخل حانوت زجاج الديمقراطية الأمريكية وبدأ بتحطيمه في الهجوم البربري على مجلس الشيوخ وكأن الفيل قد عاد إلى أدغال إفريقيا، وفي هذه الانتخابات آظهر الفيل غضبه أيضا بصراخ ترامب الذي يبدو أنه مازال يمثل الحزب الجمهوري في وجه زوجته ومستشاريه للنصيحة الخطأ الذي أعطوها له باعتماد ترشيح التركي الأصل محمد أوز الذي خسر الانتخابات، لصالح مرشح الحمار. ولكن ماذا يعنينا نحن العرب الحمار والفيل، فلا الحمار الأمريكي عطف علينا يوما باستعماله بصفته عمولا صبورا بل استعمل صفة الحرن، أما الفيل فدخل متجرنا في العراق وحطمه، وفلسطين فدهسها بفراسنه، وكلا الحيوانين تأمرا على دولنا التي اعتمدت أنظمتها أن تكون متاجر زجاج مفتوحة أمام الفيل والحمار وكل الحيوانات الأخرى التي ترغب في تحطيم أوانينا. .