أربعة ملايين سوري نزحوا من ديارهم هربا من قصف طائرات النظام السوري وطائرات الروس الذي أسقطوا قنابلهم على منازلهم فقتل من قتل، وجرح من جرح، ودمر ما دمر. لم يعد للمنكوبين أي ملاذ آمن سوى النزوح إلى المناطق المحررة التي تسيطر عليها فصائل المعارضة المسلحة، للعيش في مخيمات لا تقي حرا، ولا زمهريرا، وحتى في هذه المخيمات لم يسلموا من شر بوتين، ومن إجرام الأسد، بالأمس جاءتهم طائرات بوتين تحلق فوق رؤوسهم لتجرب قنابلها في لحم الأطفال فقتلت أربعة منهم بعمر الورد، وقتلت من النساء والشيوخ خمسة، وجرحت سبعين بإصابات خطيرة، ودمرت خيامهم ومأواهم. أهذه هي " المرجلة " لدولة عظمى تجرب قوتها في خيام وفي لحم الأطفال الأبرياء؟ أهذه هي وعود الروس بالمناطق الأمنة بعد مناطق خفض التصعيد؟ جرائم الروس في أوكرانيا تعادل جرائمها في سوريا. ماذا يجني بوتين من قتل الأطفال الأبرياء، وهل فكر بحزن أهالي هؤلاء الأطفال ودموع أمهاتهم وهم يهيلون عليهم التراب وبالأمس كانوا يضحكون ويمرحون؟ هذا هو الإجرام المجاني، أمام صمت المجتمع الدولي الذي يقيم الدنيا ولا يقعدها على دول بحجة عدم احترامها لحقوق الإنسان ويغمض عينيه ويصم آذنيه، ويغلق فاه أمام جرائم الأسد وبوتين بحق الشعب السوري. ألأن سوريا لم تعد محط اهتمام الغرب المنشغل بحرب أوكرانيا، ويبحث جاهدا عن النفط والغاز للتدفئة قبل مداهمة البرد دول أوربا بينما يتحضر الاتحاد الأوربي لمنح أوكرانيا 18 مليار يورو لدعمها ضد غزو بوتين لبلادها. وأمريكا التي تسحب الصين البساط من تحت قدميها رويدا رويدا وتخشى أن تبقى على الحصير وتخسر هيمنتها على العالم، مع أن العدو واحد في أوكرانيا وفي سوريا. لقد تكشف زيف القيم الغربية، فحقوق الانسان تطبق على الدول حسب الوزنين والمعيارين، وأصبحت الشعوب تعي تماما هذا الزيف. والشعب السوري أولها وقالها سابقا عندما تخلى العالم عنه فدعا :"يا الله ما لنا غيرك يا الله" فلم يعد لهم غيره ليخرجهم من الدلف، ومن تحت الميزاب.