السوري في زمن الكوليرا والعيش "على الحديدة"

السوري في زمن الكوليرا والعيش "على الحديدة"

لا يكفي أن السوريين وخلال العشرية السوداء السورية من قتل جماعي بكل أنواع الأسلحة، وبكل وسائل التعذيب التي لا يتصورها عقل بشري، وتهجير ونزوج لنصف السكان، وتحمل شظف العيش في مخيمات تفتقر لأدني مقومات العيش الكريم أكان داخل سوريا أم خارجها وخاصة في لبنان، وتحملهم كل تبعات اللجوء والتضييق عليهم من السلطات التي لا ترغب في وجودهم على أرضها، وموت الآلاف اختناقا في البحر في محاولات بائسة للوصول إلى أوربا، جاءهم وباء الكوليرا ليزيد في الطين بلة بعد وباء كوفيد 19 اللعين. وقد حذرت الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية من خطورة تفشي الوباء في سوريا والدول المحيطة وخاصة لبنان التي بدأ الوباء ينتشر فيها والذي ظهر أولا في مخيمات اللاجئين السوريين. وانتشار هذا الوباء يتحمل مسؤوليته النظام السوري والمحتل الروسي، وميليشيات إيران الطائفية وعلى رأسها حزب الله البناني أولا وأخيرا. ذلك أنهم أحبروا ملايين السوريين على النزوح بعد أن جربوا كل الأسلحة في لحمهم وقتلوا أطفالهم ودمروا بيوتهم، وتعمدوا قصف كل المستوصفات الطبية، والمستشفيات، وقتل الكوادر الطبية، وتدمير سيارات الإسعاف كي يضيقوا الخناق على السوريين وتحويل حياتهم إلى جحيم لا يطاق فقط لأنهم طالبوا بأبسط حقوقهم بالعيش الكريم، لكن السحر في بعض الأحيان ينقلب على الساحر، فالمرض الساري لا يعرف حدودا، فهو يتفشى في كل مكان وقد وصل إلى مناطق سيطرة النظام الذي بدوره لم يعد لديه القدرة على الإحاطة بالمرض لافتقاره للإمكانيات المادية واللوجستية بعد أن أوقع نفسه في أزمة مالية واقتصادية خانقة لا يعرف كيف يخرج منها، فالليرة السورية تخطى سعرها الخمسة آلاف ليرة للدولار الواحد وهي لن تتوقف عند هذا الحد مما يضيف عبئا ثقيلا ليس على النظام فقط بل على المواطن الذي يرى أن راتبه لم يعد يكفي لشراء خبزه اليومي. وبات من أفقر شعوب العالم. هذه الحالة تشير بوضوح إلى أن هذا النظام الذي لا يعرف سوى لغة القمع والقتل أصبح خارج معايير الإنسانية ولا يحق له أن يحكم شعبا بالحديد والنار وحوله إلى شعب شتات في أنحاء العالم ونازح ينهش به العوز والمرض، وتحت سلطة جائرة لا تقدم له سوى الفتات ليستطيع الاستمرار في الحياة "على الحديدة" كما يقول السوريون.