كنت ذات يوم في عاصمة عربية أعمل في قناتها التلفزيونية، كان السائق الذي يقلني يومياً من بلد آسيوي.
سألته ذات يوم إذا كان الراتب الذي يتقاضاه مناسباً، قال: الحمد لله ولكن عندي عمل آخر أعمل فيه أيضاً، سألته عن نوع العمل فأجاب عندي مدرسة ببغاوات.
خلته يمازحني للوهلة الأولى، لكن فهمت منه أنه جاد في كلامه وسيزورني مدرسته. عندما زرت المدرسة وجدته قد قسم المدرسة إلى صفوف.
الصف الأول ببغاوان تعلما فقط كلمة سلام، أو مرحبا (لم أعد أذكر)،
قال هذا اشتريه بخمسين دولارا أعلمه كلمة يرتفع سعره إلى مئة دولار،
في الغرفة المجاورة الصف الثاني هناك ثلاثة ببغاوات حفظوا كلمتين: أهلا وسهلا. قال هؤلاء سعرهم مئتا دولار،
في الصف الثالث رأيت ببغاوين يتكلمان ثلاثة كلمات: كيف الحال يا ريال (رجال)..قال هذان سعرهما ثلاثمائة دولار.
في الغرفة الرابعة كان هناك ببغاء واحد كبير ينفش ريشه، قال هذا سعره ألف دولار، ولما رأى تعجبي قال: هذا "بلطجي الببغاوات" علمته كلمات بذيئة، وفهمت منه أن الأغلى ثمناً هو "البلطجي" دائماً، وهناك تهافت على اقتنائه،
ًولهذا السبب قال لي علمت الكثير من الببغاوات "البلطجية" لأن فيها ربحاً كبيراً. فكرت في هذه المدرسة فوجدت أنها لا تختلف كثيراً عن مدرسة نظام الأسد الذي حاول تحويل الطلاب إلى ببغاوات يرددون ما يمليه عليهم من شعارات كاذبة، ومعلومات زائفة، وعمل على تربية " زعران " الأسد أو "الشبيحة" فهؤلاء كالببغاوات "البلطجية" الأغلى ثمناً، لأنه يستخدمهم في قمع الناس، والافتراء عليهم. ولم تقم الثورة إلا رفضاً لهذه المدرسة "التدجينية" والتخلص من إملاءات نظام الطاغية الذي كان يجبر الطلاب كل صباح في المدارس على ترديد شعارات البعث الزائفة والكاذبة: " أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة" ، و "وحدة، حرية، إشتراكية" والتي لا تمت إلى الواقع بصلة.
فهذه المدرسة الذي حاول من خلالها نظام الأسد تدجين الشعب السوري ليردد ما تتقيؤه وسائل إعلامه، ومنظماته، وهيئاته عفى عليها الزمن، والسوريون تحرروا من مدرسة ببغاواته.