لم تنته جرائم النظام السوري بحق الشعب فصولا، هي جرائم يصعب على المرء تخيلها، لكن الكشف عنها يوما بعد يوم يؤكدها بشهادات دامغة وصور وفيديوهات لا يرقى إليها الشك. آخر هذه الجرائم التي كشف عنها مؤخرا جرائم قتل المعتقلين تحت التعذيب في سجن حلب. الصور المريعة تذكر بصور "قيصر" وصارت الآن تحت مسمى "قيصر 2" هذه الصور التي تعكس مدى المعاناة التي تعرض لها هؤلاء تحت قبضة جلاوذة النظام في أقبية السجون، فالتعذيب حتى الموت هو أقسى ما يتعرض له إنسان ويتمنى هو نفسه الموت ليتخلص من آلام التعذيب. فماذا ارتكب هؤلاء من ذنب يستحق كل هذا التعذيب والموت، كل الذين تم قتلهم تحت التعذيب كانوا أبرياء لم يرتكبوا ذنبا، وذنبهم الوحيد أنه تم اعتقالهم على الحواجز وساقوهم إلى نهايتهم المحتومة، أو خرجوا في مظاهرة للمطالبة بالحرية والكرامة من نظام حول حياة الشعب السوري إلى جحيم لا يطاق. وهذا ما أكدته صور مجزرة حي التضامن، ومجزرة الكيماوي في الغوطة وخان شيخون، وخان العسل، والحولة وسواها لأن معظم القتلى فيها كانوا من الأطفال، وماذا يرتكب الأطفال من ذنوب..الإجرام الآخر وليس الأخير الذي تم الكشف عنه من معتقلين سابقين عانوا الأمرين ولا يخطر على بال أحد هو تخصيص غرف الملح لرمي جثث القتلى تحت التعذيب لمنع تحللها بانتظار نقلها على الحرق أو إلى المقابر الجماعية. غرف تملؤ بالملح ترمى جثامين القتلى فيها ليمتص الملح سوائلها وتبقى محفوظة مدة طويلة. في الوقت العذي تمنع مادة الملح على المعتقلين كي تخور قواهم لقلة الصوديوم في أجسادهم. أحد المعتقلين الذين رمي به في إحدى هذه الغرف بعد حفلة تعذيب باعتقاد أنه سيموت بقي حيا وملأ جيوبه بالملح المشبع بسوائل الجثث ليفرقه على أصحابه لتغذية أجسادهم بقليل من الصوديوم يستعيدون فيه قليلا من قواهم. هذا هو نظام الإجرام في حده الأعظمي من قبل عائلة تحكم سوريا بالحديد والنار والرصاص والكيماوي وطرق تعذيب لم يتعرض لها إنسان من قبل، وإحراق الجثث أو رميها بغرف الملح. وما هو أغرب في الأمر يغض العالم أجمع الطرف عن هذه الجرائم وتتراكض دول لتطبيع علاقاتها معه، رافعة في الوقت نفسه صوتها بالحرية ومباديء حقوق الإنسان.