كالمجرم الذي يعود إلى مسرح الجريمة عاد رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى مدينة حلب التي قام بتدميرها وقتل أهلها، وهجرهم.
في 23.12.2016 أعلن جيش النظام السوري فرض سيطرته على مدينة حلب بالكامل، وإجلاء المسلحين منها بعد أن كانت مدينة الشهباء منقسمة طوال أربع سنوات بين القوات الحكومية في الغرب والمعارضة في الشرق التي استطاعت
في أوائل عام 2012 السيطرة على مناطق ريف حلب من جهة الشمال الغربي وحاصروا قاعدة منغ الجوية. النظام وبعد أن استنجد بالقوات الروسية قام بدعم من الطيران الروسي بقصف المدينة عشوائيا بالبراميل المتفجرة والمدفعية الثقيلة فدمر أحياء بكاملها، واستهدف المسجد الأموي الذي يعتبر تحفة معمارية وانهارت مئذنته التي يبلغ عمرها نحو ألف عام بعد أن تعرضت للقصف. حلب الشهباء، حلب سيف الدولة، حلب المتنبي، حلب طريق الحرير، حلب القلعة، حلب الأسواق الجميلة، حلب المدينة الصناعية، وثاني مدينة بعد دمشق، استبيحت من قبل الشبيحة والمعفشين فعاثوا فيها فسادا ونهبا.
في هذا العيد المبارك وبعد ست سنوات تقريبا من أحداث حلب الكبرى يقرر بشار الأسد زيارتها والصلاة فيها حيث سمع ما يرضيه من مديح من إمام المسجد الذي قال:" أيها الرئيس، يا سيادة الرئيس، يا راعي هذا اللقاء.. العيد وما أدراك ما العيد، والعيد يتضمن أمرين اثنين: فرحة قبول، وإدخال سرور، أسعد الناس من أسعد الناس، وهنا أتوقف مليا وكثيرا، أقول إن مما من علينا ربي عز وجل في هذا البلد أن وفقنا الله بهذا الرجل الكبير، بهذا الرجل القائد الذي يسعى ليل نهار من أجل أن يدخل السرور على قلب شعبه.. من بعد أن سعى من أجل أن يرضي ربه، وبشكل خاص على الشعب الحلبي، ولذلك قلت في نفسي إن هذا الرجل القائد حلبي الهوى"
بان لهذا الإمام المستزلم الخانع أن بشار الأسد الذي دمر حلب هو "حلبي الهوى "، و"يسهر ليل نهار لسعاد الشعب الحلبي "،، وهل هناك شعب حلبي، وشعب دمشقي، وشعب حموي أو حمصي.. أو درعاوي، هل أصبح لكل مدينة شعب في سورية؟؟
الرئيس الذي يسهر ليل نهار ليدخل السرور على قلوب "الشعب الحلبي" وخلال تنقله بين احياء المدينة التي دمرها ارتجل كلمة قال فيها:" ما حصل هو أن بعض الحجارة هدمت، سنعيد هذه الحجارة إلى مكانها الأصلي، وسنبقى نعيد، ونعيد، ونعيد، حتى تعود الحياة إلى موقعها الأزلي كما خلقها الله في حلب أو ربما عندما أوجد هذه البشرية"
ما أسوأ من هذا الإمام المستزلم لطاغية، إلا الطاغية نفسه الذي أراد أن يكون فصيحا فكان كسيحا في مدينة أفصح الشعراء فارتعشت عظام المتنبي في قبره.
قال شاعرنا الكبير نزار قباني في حلب:
كل الدروب لدى الأوربيين توصل إلى روما
كل الدروب لدى العرب توصل إلى الشعر
وكل دروب الحب توصل إلى حلب