كانت أمانينا عندما انظلقنا بثورتنا المجيدة هي إسقاط نظام الإجرام والفساد الذي جثى على صدورنا أربعة عقود عجاف جدا. خلال هذه الفترة لم يعد للسوري أي صفة للمواطن الذي من المفترض أن تؤمن له الدولة حريته، وأمنه، واستقراره، وضمان المساواة أمام الفرص، وحرية الرأي والتعبير، وأن يكون القانون هو الحكم الفصل في كل القضايا، وأن يختار المحكوم الحاكم بالانتخاب وتسليم السلطة سلميا. لكن كل ذلك ضربه النظام الأسدي عرض الحائط وحافظ على قانون الطوارئ ساري المفعول حتى قيام الثورة. اليوم وبعد إحدى عشرة سنة من الثورة لم تعد أمانينا هي ذاتها بإسقاط نظام الإجرام فقط، بل صار لزاما علينا جميها كسوريين إن كنا نغار على هذا الوطن ونصبو إلى سورية حرة مستقلة ذات سيادة كاملة على كل أراضيها فمعنى ذلك أن نواجه مجموعة من التحديات: إسقاط النظام المجرم، طرد الميليشيات الطائفية الباكستانية، والأفغانية، والإيرانية، والعراقية، وحزب الله، وميليشات روسية مرتزقة، كما أننا مطالبون بطرد كل القوات التابعة للدول التي دخلت سورية بطلب من النظام أو باتفاق مع المعارضة، أو من دخلت عنوة كقوة غازية بحجة الحرب على الإرهاب. كما أننا نواجه حركات انفصالية تتمثل بقوات سورية الديمقراطية المتحالفة مع حزب العمال الكردستاني المصنف "إرهابيا" وكذلك فلول" داعش" التي مازالت تتحرك على الأرض السورية. إيجاد الحل لكل الفصائل التي تقاتل تحت سقف المعارضة والتي تتناحر فيما بينها وجلها ذات مرجعيات إسلامية. الأخذ بعين الاعتبار كل الأنظمة الداعمة للنظام وتطبع علاقاتها معه. عودة ملايين اللاجئين وتأمين عودة آمنة لهم واسترجاع أملاكهم. تقديم كل الذين أجرموا بحق الشعب السوري إلى العدالة لينالوا جزاءهم حسب القانون. فهل المعارضة السورية قادرة على مواجهة هذه التحديات بتركيبتها الحالية؟ هذا السؤال يجب أن تطرحه على نفسها. فبعد إحدى عشرة سنة لم تستطع المعارضة السورية بناء مؤسسات الدولة، بل هي دخلت في خلافات داخلية أفقدت الدول التي كانت داعمة لها ثقتها بها. وكذلك الشعب السوري الذي بات جله يقول أن هذه المعارضة لا تمثله. نرى مما تقدم أن المسألة التي كانت بالأمس تقتصر على إسقاط نظام باتت أعقد من ذلك بكثير، وإذا لم يتحرك الشعب السوري بنفسه لبناء مؤسساته من أحزاب، ونقابات، وهيئات، ولجان سياسية واقتصادية واجتماعية فإن الحلم الذي يراودنا سيكون كابوسا جديدا علينا ولن نحقق أمانينا