بعد شهرين فقط يكون قد مضى على السابع من أكتوبر الذي سيسجله تاريخ العرب، والصهاينة، والعالم بأنه قلب الموازين في الشرق الأوسط رأسا على عقب، فلأول مرة يتمكن الفلسطينيون من اقتحام الحدود الإسرائيلية ويأسرون 255 من الداخل إسرائيلي من يهود مدنيين، وجنود، وعمال أجانب. واعتقد قادة إسرائيل أن الرد على المقاومة وتحقيق أهدف الحرب لن يتجاوز أسابيع عدة، فالقوة العسكرية المفرطة أعطت دولة الاحتلال الثقة بالنفس بأن العملية العسكرية ستكون منجزة والقضاء على المقاومة نهائيا، وتحرير الأسرى خلال هذه الفترة. كانت الأيام تجري، والأسابيع تمضي، والشهور تتوالى، واليوم وصلنا للسنين، كل هذا الوقت كان جيش الاحتلال يستخدم كل قوته العسكرية من طائرات، ومسيرات، ودبابات، وعربات، وجرافات دون أن يصل إلى هدفه المنشود، فاستخدم الحصار، والتجويع، والتعطيش، وضرب المستشفيات، والمخيمات، والمدارس، والمساجد، ولم يبق حجرا على حجر، وقام باستبدال وزراء الدفاع، ورؤساء الأركان، وزج بفرق إضافية في أتون الحرب، ولم يتمكن من القضاء على المقاومة، ولا من تحرير الرهائن. لقد حاول حرمان الغزيين من كل شيء حتى من الوقود فتعطلت حركة السيارات، ولم يتبق للغزيين سوى الحمير لنقل قتلاهم، وأمتعتهم في رحلة التهجير من مكان إلى آخر. ورغم قلة الحمير لأن عددا منها مات تحت القصف، وآخرون ماتوا جوعا وتعبا، لم يعد أمام دولة الاحتلال من التضييق على أهل غزة سوى أسر آخر الحمير لمنع الغزيين من استخدامها اليومي، وفيما بعد بإعادة الإعمار فكلما وجدت هذه الدولة حمارا قامت بأسره وترحيله إلى الداخل المحتل بذريعة أمنها القومي، فالحمار يهدد بوجودها فهو "يستخدم" في نقل الأسلحة، وتحاول المقاومة تفخيخه ودفعه نحو تواجد الجنود ثم تفجيره" حسب مزاعمها، وأن الحمار يعامل بقسوة ويجب العمل على الرفق بالحمير. لذا قررت حكومة نتنياهو بأسر من يرضخ من الحمير لاقتياده أسيرا، ومن لا يرضخ يعدم ميدانيا. ويبدو أن هناك مجموعة استطلاع، وطائرات مسيرة ترصد تحركات الحمير، وأماكن تواجدها، ليتم خطفها وإرسالها لمزرعة "موشاف حروت" ومنها يتم تسفيرها إلى فرنسا وبلجيكا، وهذه العملية رفعت سعر الحمير في غزة، ومن يملك حمارا صار يحرص على إيوائه بمكان لا تصل إليه أعين "الموساد".