كل نظام سياسي مهما كان شكله تقليدي (قبلي)، أو أحادي (ملكي، أميري)، أو ديكتاتوري، أو ديمقراطي، يبحث عن تبيت حكمه عبر شرعية ما، وهذه الشرعية تسمح له أن يطلب الطاعة من المواطن، فالحصول على الطاعة بالنسبة للنظام التقليدي يقوم على طاعة زعيم القبيلة تقليديا، والملكية يطلب الملك أو الأمير طاعة "الرعايا" لأنه يعتبر الشعب يتبع لملكه وهم رعايا له، النظام الديمقراطي تأتي شرعيته من الشعب بانتخابات شفافة ويطلب الرئيس المنتخب طاعة الشعب حسب القانون، فالقانون له الكلمة الفصل ويمكن للمواطن مقاضاة الرئيس حسب القانون، أما النظام الديكتاتوري وغالبا عسكري فإن شرعيته يستمدها إما بانقلاب عسكري ويعطيه اسم ثورة، أو بانتخابات مزورة تظهر نتائجها دائما ذات أربعة أرقام يغلب عليها التسعات 99’99. أما الطاعة فتأتي بالقمع، وهناك أمثلة كثيرة في العالم كبينوشيه في الشيلي، فرانكو في إسبانيا، سالزار في البرتغال، وهؤلاء على سبيل المثال لا الحصر، ورغم حكمهم الديكتاتوري فإن جرائمهم بحق معارضيهم تعد بالآلاف، ولكن هناك أنظمة ديكتاتورية عرفها العالم كانت وبالا على الشعوب كستالين في الاتحاد السوفييتي، أو بول بوت في كمبوديا، واليوم جونغ أون في كوريا الشمالية، ونظام الأسد في سوريا. فهذا النظام ومنذ بداية تسلطه على السلطة كان يضع نصب عينيه التسلط على الشعب ويطلب منه الطاعة العمياء باستخدام أساليب الترهيب، أي أنه نظام إرهابي، والإرهاب المستخدم جاء عبر بناء منظومة إرهابية (بناء السجون، إنشاء أجهزة مخابرات في كل مكان، استخدام وسائل التعذيب، إرتكاب المجازر العلنية لترهيب الناس)، ففي عهد الأب الذي دام تسلطه على السلطة ثلاثة عقود كانت تجدد له البيعة الكاذبة عبر استفتاءات هزلية، أرتكب مجموعة كبيرة من المجازر كان أشهرها مجزرة سجن تدمر، ومجزرة حماة. وجاء الوريث ليفوق أباه في الإجرام، وخاصة بعد انطلاقة الثورة السورية المجيدة المطالبة بالحرية والتخلص من هذا النظام، والمجازر خلال عقد كامل لا تعد ولا تحصى. لكن مجزرة حي التضامن وإن لم تكن الأكبر ولكنها كانت موثقة بتصوير فيديو، والطريقة التي تم فيها قتل الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى أنهم مروا في المكان الخطأ في الزمان الخطأ ليتم اعتقالهم واقتيادهم إلى حفرة الموت والحرق، هذه المجزرة الشنيعة لم ولن تنتهي فصولا، وما ظهر في الشريط المصور الذي انتشر على نطاق واسع والذي كان وثيقة دامغة لا شك فيها عن إجرام هذا النظام وكيف ينظر للمواطن ويظهر كيف أن المواطن السوري يطلب منه الطاعة العمياء بالإرهاب الجسدي والفكري. في تسجيل صوتي مسرب تم الكشف عنه مؤخرا نسمع فيه
العقيد جمال الخطيب مسؤول الفرع الأمني 227 و مجزرة التضامن يقول للمجرم الذي كان يطلق الرصاص على الأبرياء أمجد يوسف:" سوريا ساحة حرب ما في داعي ناخدهم على السجن ونقتلهم بنقتلهم بالساحة أوفر علينا يعني بالساحة يموت بطلقة بالسجن بيكلفنا كثير مئات الدولارات أكل وشرب وبعدين بنقتله ليش؟" هذه العقلية الطائفية الإجرامية تظهر أن هناك مخططا معدا مسبقا لقتل أكبر عدد من المواطنين السوريين وخاصة السنة ، ولمجرد اعتقالهم فهم في عداد المفقودين. وأن الواحد منهم لا يساوي ثمن رصاصة. فالمواطن في نظام الإجرام الأسدي مجرد من كل الحقوق، وأهمها حق الحياة، وقتله يجب أن يكون بأرخص التكاليف ولا يوجد أرخص من رصاصة. وأن العقيد المجرم العديم الإنسانية جمال الخطيب لا يمكن أن يكون قد تصرف من نفسه لولا أنه أخذ الضوء الأخضر من معلمه الأكبر بشار الأسد. لم يكشف بعد عن كل تفاصيل هذه الحفرة الرهيبة، فما زال هناك وثائق تقشعر لها الأبدان يجب المطالبة بكشفها حتى يتعرى هذا النظام ويظهر على حقيقته. وهذه الوثيقة تضاف إلى كل الوثائق التي قدمها "قيصر"، والشهادات التي أدلى بها حفارالقبور، وهذا الجزء البارز من جبل الجليد الإجرامي الأسدي.