عودتنا صور أعضاء اللجنة الدستورية العائدين من جنيف حاملين خفي حنين مع نهاية كل جولة. ودون كلل أو ملل يحدوهم الأمل (كأمل إبليس في الجنة) أن هذا النظام الموارب سيرضخ يوما لمطالب المعارضة بصياغة دستور يضمن للمعارضة المشاركة السياسية ويحد من صلاحيات النظام، ويحقق العدل للمواطنين السورية، وسيادة القانون، وبناء دولة سوريا الحديثة على أسس ديمقراطية تضمن المساواة بين كل مواطنيها..فكيف لنظام يسوف كل جولات المفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة كي نصطدم المعارضة دائما بجدار صلب من الممانعة ورفض أي تقدم على أي مسار. وكيف لمعارضة تقتنع بأن نظام ضرب شعبه بالكيماوي، وبالبراميل المتفجرة، وكل الأسلحة المحرمة وجلب كل الميليشيات الطائفية والدول الطامعة في سوريا لإنقاذ حكمه بأن يتنازل عن عرشه في قصر المهاجرين؟ وأضف إلى ذلك أن تاريخ هذا النظام منذ البدء يرفض كل منافس له بسحقه عبر الاغتيالات السياسية، والاعتقالات التعسفية، والتصفيات الجسدية في الظلام، وضرب كل الأحزاب المناهضة، أو أي تجمع يخشى منه أي تهديد يذكر. فكلمة حرية في ظل هذا النظام ممنوعة ومن تلفظ بها نال رفسا ولطما وعذابا ثم قتلا من شبيحته وقواته:"بدك حرية، هاي الحرية" وضربة بالبسطال على وجه الضحية وخاصرته حتى يلفظ أنفاسه. لم يتعلم الائتلاف السوري من سبعة جولات عجاف، أم أن زيارات جنيف صارت ممتعة للسياحة على بحيرة لومان، في فنادق الخمس نجوم..لم تتعلم المعارضة من دروس آستانا وسوتشي والخداع الروسي الذي أودى بها إلى حصار في منطقة إدلب بوعود ملفقة، ولم تتعلم هذه المعارضة أن قوتها في إشراك عناصر فاعلة وخبيرة ولها باع طويل في المعارضة لاتخاذ القرارات الصائبة لتصويب مسار المعارضة السياسي والعسكري. إن ما يفعله النظام هو أنه يعطي الانطباع ظاهريا بأنه يشارك الأمم المتحدة في مشروع صياغة الدستور الذي من المفروض أن يبني على أساس قرار الأمم المتحدة 2254 الذي إذا ما طبق فعليا يعني نهاية هذا النظام، وهذا الذي لن يقبل به وسيبقي حبل التسويف في جولات صياغة الدستور على الجرار.