ترجل فارس الشعر العراقي حزين كربلاء مظفر النواب، عن ثمانية وثمانين، ومن يعش ثمانية وثمانين حولا يسأم، لم تسأم يا أبا عادل من الحياة، ولكن سئمت من الأحياء. أو من الأحياء الأموات. حزنك كربلائي على القدس، وقولك جريء في الزعماء "اليعاربة" الذين أدخلوا زناة الليل إلى حجرة عروس عروبتنا، كانت المغتصبة تصرخ فينا للدفاع عن الشرف الرفيع الذي لا يسلم حتى يراق على جوانبه الدم، لكن الدم الذي أريق هو دم بكارة المغتصبة، واليعاربة تنافخوا وسحبوا خناجرهم، كخناجر الزينة، ليس لصون العرض ولكن للاقتتال فيما بينهم لمن يسبق لخطب ود المغتصب. نعم لا تسل أين كنا، وكيف أصبحنا، لا تسل من أحبط هذه الأمة فهم كثر، صدح صوتك في مشارق أرض العرب ومغاربها، ولكن هل سمعك أحد، أم صدوا أسماعهم التي أصابها وقر. هل القدس عروس عروبتنا، وبالأمس قتلوا شيرين، وهاجموها في نعشها في عقر دارنا المقدسة، ودنسوا الأقصى، وضربوا المصلين بالعصا، دخلت ديار الخلد بعد ثمانية وثمانين، وعدونا هنا قبل أن تولد يقتلنا، ويسرقنا، ويحتل أراضينا، وناح شعراء العرب نوحا كربلائيا، ونظموا في البؤس واليأس والخيانة قصائد تسمع من به صمم، وأنت منهم، لكن لا حياة لمن تنادي، هم لم يعودوا ليقفوا خلف الباب لاستراق السمع على فض بكارة عروسنا، هم يدخلون بيوت العدو من أبوابها، ويمكنك أن تصدح، أن تصرخ، أن تشبههم بحظيرة الخنازير، لا يهمهم سوى إسكات ثوراتنا من الشام لبغدان، ومن ليبيا إلى يمن، إلى تونس فبحرين. هذي بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان.. قتلوا فينا الحرية، ونصبوا لنا مشانق، وحفروا لنا حفرا ليحرقوا فيها جثثنا بعد قتلنا، هجرونا من مضاجعنا، وشممونا وشمموا أطفالنا رائحة الخردل والسارين والكلور، نحن في بلاد الفل والياسمين والرازقي. نم يا أبا عادل فقلبنا فوق جدثك كلما ذكرت القدس نصلي عليك ونسلم