صادف 18 من أيار/مايو وفاة الفيلسوف والمفكر السوري الكبير الحمصي الطيب تيزيني (من أنصار التيار القومي الماركسي). في أواخر أيامه وفي محاضرة له عن سوريا وتاريخها الحديث وكيف كان التآخي والعيش المشترك بين 18 طائفة وعرقية مختلفة في ربوع الوطن، وما آلت إليه الآن ذرف دمعا سخيا وهرع المحاضرون يواسونه. هذا العالم الكبير الذي عاصر ( من مواليد 1934) التاريخ السوري الحديث وخاصة فترة الاستقلال، والفترة الأسدية المظلمة لم يتمالك مشاعره وأحاسيسه عندما تحدث عن سوريا وكيف كانت، وكيف أن رئيس البرلمان فارس الخوري "المسيحي" تسلم وزارة الأوقاف الإسلامية بموافقة نواب الإخوان المسلمين في زمن لم يكن هناك من يفرق بين مسلم ومسيحي، بين نصيري، واسماعيلي أو درزي، بين عربي وكردي. إنه الزمن الجميل عندما كانت الكتلة الوطنية تجمع كل شرفاء سوريا وتناضل ضد الاستعمار الفرنسي، سوريا التي أعطت المرآة حقوقها في التصويت والانتخاب، وحقها في التعليم، وسمح بحرية تشكيل الأحزاب، والصحافة الحرة، والنقابات المهنية، ذاك الزمان الجميل، بكى عليه الطيب تيزيني، وبكى أكثر على هذا الزمان الرديء والرديء جدا الذي أوصل إليه حكم الأسد سوريا التي في زمنهم دمرت سوريا ويقتل السوري على الهوية لأنه مسلم سني فقط ويرمى بحفرة وتحرق جثته. اليوم طائفية نظام الأسد تجد من يؤيدها في النظام الطائفي اللبناني من نصيري لبنان. النائب فراس سلوم الذي فاز بالانتخابات الأخيرة بمقعد في البرلمان احتفل بفوزه في مدينة طرابلس على انغام:"الله سوريا بشار وبس". وهذا يعكس مدى تحالف الطائفيين في أنظمة البلدين، وأن ما يجري في سوريا من قتل ودمار هناك من يؤيده من نفس الطائفة في لبنان. هذا النفس الطائفي رفضه أهالي طرابلس وقامت الجماعات الإسلامية برفض الاستفزاز الطائفي وتبرأت من النائب الشبيح تأكيدا منها نبذ الطائفية وكل من يؤيدها، وأكدت أنها ليست مع من يقتل"إخواننا في سوريا". هذا هو الموقف الثابت والصحيح الذي تبناه المسلمون في كل زمان ومكان، وهذا ما عمل نظام الأسد ضده لترسيخ خطه الطائفي لأنه يعلم أن أكثرية السوريين يرفضونه وبالتالي سيشكلون خطرا على بقائه في السلطة. وعليه فلا ضير ان يقتل مليون سوري معظمهم من المسلمين السنة، ويعتقل اكثر من مئة ألف سوري ومعظمهم من المسلمين السنة، ويهجر نصف الشعب السوري ومعظمهم من المسلمين السنة، ليكتمل مخططه الطائفي في بناء مجمتع"أكثر تجانسا" يكون فيه الطائفة النصيرية أقل أقلية.