يحتفي العالم في الثامن شهر أيار/ مايو من كل عام منذ العام 2018 بيوم الحمير العالمي لما لهذا الحيون من فوائد جمة على حياة البشرية على مر العصور، "فأبو صابر" يعتبر من أكثر الحيوانات خدمة للإنسان، ورغم ذكائه وخدمته وصبره فإن الناس بشكل عام يعتبرون الحمار عديم الفهم وينعتون بعضهم بعضا بالحمير للتحقير. لكن الحمار أثبت أنه ذكي فهو يحفظ الطريق التي يسلكها لمرة واحدة، ويقدر الأوزان التي تقع فوق ظهره فإذا زادت عن طاقته حرن ورفض التحرك. والحمار له تاريخ طويل مع البشرية وذكر في القرآن الكريم والإنجيل وكتب التاريخ والأدب. وقد تم تقديره وإعطاؤه حقه من بعض الكبار إذ أطلق لقب مروان الحمار على الخليفة الأموي مروان بن محمد، وهو آخر خلفاء بنى أمية في دمشق، وضرب فيه المثل فيقال “أصبر في الحرب من حمار”، وقيل أن الخليفة كان معجبا بالحمار وبصبره وذكائه وبقدرته على التحمل والتجلد، فاتخذه شعارا وانتسب إليه بالاسم.
واختار أندرو جاكسون المرشح الديمقراطي سنة 1828 في الولايات المتحدة الأمريكية، رمزا لحملته الانتخابية “حمارا وألصق على ظهره شعار حملته الانتخابية وقاده وسط القرى والمدن المجاورة لمسكنه من أجل الدعاية لبرنامجه الانتخابي “الشعبوي” ضد منافسه الذى كان يظهر على أنه نخبوي وليس قريبا من هموم الناس.
وبعد ذلك تحول الحمار إلى رمز سياسي للحزب الديمقراطي بشكل واسع النطاق، واستخدم كشعار رسمي للحزب سنة 1870. ودخل الحمار في غمار الأدب والفن وانتج أكثر من أديب أعمالا بطلها الحمار، كحمار الحكيم للكاتب المصري توفيق الحكيم مثلا. لكن الحمار السوري لم يحظ بمعاملة تليق بالحمير فكان وضعه كوضع أي سوري آخر في عهد العائلة الأسدية فهي لم تفرق بين السوري العادي والحمار، فخلال الثورة المجيدة قامت شبيحة النظام برمي الحمير في بعض القرى بالرصاص كون هذه الحمير تنقل عليها المعارضة المسلحة الأسلحة من مكان إلى آخر، فعقابها كان كعقاب كل ثائر بالقتل. وتوكل السلطة للحمير مهمة نزع الألغام، فتطلقها في حقل ألغام لتدوس على الألغام لتنفجر فيها، أو تحمل على ظهورها مخدرات وترسلها في الجبال والصحاري لتقطع حدود الدول المجاورة دون أن ينتبه إليها حراس الحدود، وإذا ضبطت أطلق عليها الرصاص. وكما جاع الشعب السوري فقد جاع الحمار السوري أيضا فنقص الحبوب والأغذية قلص من كميات العلف المخصصة للحيوانات ومنها الحمير، ويبدو بذلك أن كل حمير العالم أفضل من حمير سوريا. كان المثل الشامي يقول: "كل الحمير أفضل من حمور" وهذا ما ينطبق فعلا اليوم على السوريين وحميرهم.