لو فتح قبر صلاح الدين الأيوبي في مرقده في دمشق لوجدت عظامه تتحرك مما أصاب المسلمين من وهن، وفرقة، وذل، وتخاذل إزاء ما يجري في القدس الشريف، ومسجد الأقصى. فهذه المدينة أعطت لكلمة القدسية معناها لأنها مدينة مهبط الأديان السماوية المقدسة، ومدينة الصلاة، وسرة العالم يحج إليها يهود، ومسيحيون، ومسلمون حيث السماء فيها أقرب نقطة للأرض. يبقى يوم الرابع من تموز/يوليو 1187 يوما لا ينسى في تاريخ البشرية، لأن في هذا اليوم دخل صلاح الدين منتصرا على الصليبيين بعد 181 سنة من احتلالها. ذاك اليوم كان يوم وحدة المسلمين من عرب وكرد في معركة واحدة مصيرية للجميع فلا تعايش مع المحتل مهما طال الزمن.
صلاح الدين وحد العراق وسوريا ومصر قبل المعركة المصيرية "حطين" وهي بلاد النسر العربي: سوريا القلب، والعراق ومصر الجناحان. وهذا النسر هو وحده القادر على قهر أي محتل مهما تجبر وعتا وتكبر. عظام صلاح الدين لن تغفر لنا ما تقدم من ضعفنا، وفرقتنا، وتخاذلنا، وذلنا وتأخر أمام المحتل الجديد المتجبر العاتي المتكبر. القدس عروس عروبتنا فإلى متى يسترق زعماؤنا الأشاوس السمع من خصاص باب القدس على اغتصابها وفض بكارتها من المحتل الغاصب؟ النسر اليوم منتوف الريش، مقصوص الجناحين. الجناح العراقي باتت خوافيه طائفية اللون، وقوادمه فارسية الهوى، والقلب السوري مزقه نظام الارتهان المهان، والجناح المصري لا قوادم، ولا خوافي، ولا مناكب، ولا كلى، فكيف يطير..
لم يعد هذا النسر قادرا على الطيران، كدجاجة محسوبة على جنس الطيور ولكن لا تطير، بل تدجن لسرقة بيضها، وأكل لحمها محمرا. ولم يعد لها دور في الحياة، تقوق كلما سرق بيضها، ومدت المدية إلى عنقها. وأعداد المسلمين كأعداد الدجاج في مداجن العالم، يقوقون كلما نتف ثعلب ريشهم ونهش لحمهم، ودنس مقدساتهم ثم يعودون إلى أقنانهم حتى أي ديك منهم لا يرفع عقيرته ويصيح. نامت نواطير العرب والمسلمين عن الثعالب، والضباع، والأسود التي بشمت من عناقيدنا وأفرغت سلالنا واحتلت عش النسر.
أما أنت يا صلاح الدين نم في مرقدك فقلبي فوق مهدك كلما ذكرت القدس يصلي عليك ويسلم، ولا تحرك عظامك، فلا حياة لمن تنادي