عام الجمع بين بوتين والأسد وكارتر وشامبليون

فرانسوا شامبليون
فرانسوا شامبليون

يعتبر العام 1822 من الإعوام المميزة في التاريخ الفرعوني، وفي التاريخ العالمي، ففي هذا العام نجح عالم اللغويات فرانسوا شامبليون في فك ألغاز الهيروغليفية التي كانت لغزا حير العالم والعلماء. اليوم تحتفي فرنسا بالعام 2022 ك "عام شامبليون"، وفي هذا العام يصادف غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أوكرانيا وهزيمته فيها التي سيسطرها التاريخ على مدى مئات السنين.

بعد قرنين على تفكيك رموز الكتابة الهيروغليفية تطلق المكتبة الوطنية الفرنسية في باريس اعتبارا من الثلاثاء (12 نيسان/أبريل 2022) "عام شامبوليون" مع معرض يطلق الضوء على النبوغ الفكري للعالم الشغوف باللغات جان فرنسوا شامبوليون المولع بمصر القديمة. وبعد قرن بالتمام والكمال وفي عام 1922 تمكن العالم البريطاني هيوارد كارتر من اكتشاف قبر الفرعون الشهير توت عنخ آمون. الجمع بين هذه الأحداث الهامة تظهر مدى شغف البعض في خدمة الإنسانية والعلم والثقافة والمعرفة والتاريخ، وشغب البعض كبوتين والأسد بالقتل والتدمير وغزو الدول المجاورة ووضع شعبها تحت سيطرة ديكتاتورية سفاحة. هذا هو الفارق بين بيناء الصروح الحضارية، وبين مهدميها، فالأسد لم يهدم شعب سورية فحسب، بل هدم ميراثه الحضاري، لأنه ليس من هؤلاء الذين تستهويهم الحضارة والثقافة والعلم، والدليل على ذلك أن خلال فترة حكم المورث والوريث والتي تستمر منذ خمسة عقود ونيف لم تتقدم سوريا في أي مجال من المجالات العلمية، أو الفكرية، أو الاجتماعية، والسياسية في بناء دولة المؤسسات التي حلت محلها دولة المخابرات، وأقبية آجهزة الأمن، وميليشيات "التعفيش والتنبيش"، والشبيحة، و"الزعران"، وعلي والمليون حرامي.. أما بوتين الذي حسب نفسه القيصر الذي لا يقهر فهو يسير على نفس الدرب، درب الخراب والجرب. لقد قام الفراعنة ببناء حضارة آذهلت العالم ولا تزال، والعلماء لم يكشفوا كل أسرارها، هذه الحضارة التي أغنت مصر التي كانت تسمى "بأم الدنيا" وبسببها تجني مصر أرباحا خيالية من أموال السياح الذي يأتون من كل فج عميق ليشاهدوا عظمة هذه الحضارة، ويقفوا مشدوهين أمام أسرارها، فماذا سيخلف المتخلفون لسوريا سوى الذكريات الأليمة، والأيام السوداء التي مرت على سوريا الحضارة والتي كانت عاصمتها وخلال قرن كامل سيدة العالم من مشارف الصين إلى مشارف أرض الغال في فرنسا، وبنت حضارة الأندلس التي تفتخر فيها إسبانيا وتجني منها أرباحا هائلة من السياح التي يزورونها من أركان الأرض الأربعة. لقد كشف شامبليون، وكارتر سرين من أسرار حضارة الفراعنة بعد آلاف السنين من تشييدها، ولا يزال الكثير من الأسرار سفا عليها الزمن رمالا كثيرة، وستكتشف يوما، ولكن ماذا سيكتشف علماء المستقبل في سوريا ولاسيما خلال الخمسينية السوداء الأسدية...