تم إنشاء يوم المسرح العالمي من قبل الهيئة الدولية للمسرح وتم الاحتفال به لأول مرة في 27آذار/مارس 1962، وهو تاريخ إطلاق موسم "مسرح الأمم" في باريس وهذه التسمية تليق فعليا بهذا العالم الذي حولته الأمم إلى خشبة عالمي للمسرح اللامعقول. ففي يوم المسرح العالمي لهذا العام يتجسد اللامعقول في أبهى صور السريالية على المستوى الدولي، ففي دولة الاحتلال في فلسطين يجتمع ولأول مرة وزراء خارجية أربع دول مطبعة معها (مصر، الإمارات، البحرين، المغرب) مع وزيري الخارجية الإسرائيلي والأمريكي لبحث ملفات عديدة في شؤون المنطقة والعالم ( الحرب في أوكرانيا ومعضلة تزويد أوربا بالطاقة، مواجهة الخطر الإيراني، تعويم نظام الأسد والعقوبات الأمريكية عليه، حشد القوى المتحالفة مع أمريكا ضد روسيا..)، في الوقت الذي تقف الدول العربية الأخرى "غير المطبعة" و" والمطبعة من خلف الستار" موقف المتفرج والصامت أمام الانتهاك الصارخ لحقوق الشعب الفلسطيني الذي ينغرس فيه خنجر العرب في عمق جرحه إلى جانب الخنجر الإسرائيلي، وهذا مالم يكن يتصوره عربي واحد قبل أن تدخل بعض الأنظمة العربية في سباق ماراتوني تطبيعي مع دولة الاحتلال.
في شمال الكرة الأرضية ومنذ أكثر من شهر تغزو دولة عظمى (روسيا) بقضها وقضيضها، وعدتها وعديدها، دولة صغرى (أوكرانيا) وتريد أن تبتلعها كأفعى الكوندا تبتلع أرنبا في ظل قوانين دولية أممية مناهضة لكل انتهاك دولة لسيادة دولة أخرى، وكأن هذه القوانين وضعت لتصف قيما إنسانية لا أحد يحترمها أو يطبقها. فموسكو لديها كل الحجج لتقول لأمريكا وحلف الناتو: تحاسبون روسيا على هجومها على أوكرانيا وبالأمس أقمتم الحرب على طالبان في أفغانستان وخرجتم مهزومين، وأقمتم الدنيا ولم تقعدوها في العراق، وتتمركزون في سوريا وتدعمون فئة سورية ضد فئة أخرى. والأن تطبقون علينا عقوبات اقتصادية وليس باستطاعتكم تعويض الطاقة التي تمدكم روسيا بها..ويصرح الرئيس الأمريكي جو بايدن أن فلاديمير بوتين مجرم حرب ويجب أن لا يحكم روسيا عاكسا العقلية الأمريكية في رغبتها الدائمة في التحريض على انقلابات على الأنظمة التي تعاديها
وفي الجنوب يقوم الحوثيون وقوى التحالف بحرب سجالية لا تنتهي، ضربة من هذا الجانب، تقابلها ضربة من الجانب الآخر والشعب اليمني "السعيد" يموت جوعا. في إفريقيا المشتعلة في السودان، والصومال، وليبيا، ومالي في صراع لا نهاية له على السلطة بين العسكر لتعاد كرة الانقلابات العسكرية والديكتاتورية أم الشعوب المطالبة بحريتها فهي التي تدفع الثمن دائما وكأن قدرها القهر، والفقر، والقبر.
في آسيا يقف ديكتاتور أخر لدولة مارقة حسب تصنيف بوش الإبن يهدد اليابان وكوريا الجنوبية كلما استيقظ باكرا بعد حلم مزعج ليعلن عن إطلاق صواريخه مهددا أمريكا وحلقاءها، ولا يتواني عن وضع قدمه في حرب عالمية إذا اندلعت لدعم روسيا والصين في مواجهة واسعة النطاق مع الغرب، وكل هذا أمام تهديد فيروس كوفيد التاسع عشر الذي يفتك بالبشرية العاجزة عن صده، ويمعن في تحيديه للبشرية بتفريخ متحورات جديدة كلما تم السيطرة على متحورة سابقة. هذا هو عالمنا اليوم باختصار، هذه الخشبة المسرحية الكروية بحجم كوكب الأرض، الذي إذا ما اشتعلت حرب نووية سيسدل عليها الستار الكوني كآخر فصل في المسرحية لتنهي في تقب أسود.