في الخامس والعشرين من شهر آذار/ مارس من كل عام هو يوم التذكير بالعبودية التي تعرض لها الأفارقة في عهد تجارة الرق، حيث كان المستعمرون يقومون بشحن الآلاف من الشباب والشابات الأفارقة إلى "أرض الحرية" في القارة المكتشفة ليعملوا هناك كعبيد ليس لهم من الحقوق سوى العيش بين الحافر والنعل. فكريستوف كولومبوس الذي أكتشف بالخطأ هذه القارة في العام 1492 وكان يعتقد أنه وصل إلى الهند فتح الباب أمام كل اللصوص والمجرمين الذين قامت أكثر من دولة أوربية بتفريغ سجونها وإرسال مجرميها إلى هذه القارة للتخلص منهم من ناحية ولحاجتها لقتلة يقومون بقتل "الهنود الحمر" بأسلحة نارية لم يكن هؤلاء يعرفونها. فقتل منهم الملايين، في كندا الحالية، والولايات المتحدة، والمكسيك، وكل أمريكا الجنوبية حيث تم قتل الملايين من قبائل الأستيك والمايا. ثم جاء دور الأفارقة ليكونوا معذبين في أرض " الحرية ". وقامت الحرب الانفصالية في العام 1865 أي بعد حوالي 350 عاما من القتل والتعذيب ومعاناة الرقيق عندما ألغى الرئيس الأمريكي أبراهام لنكلن الرق ودفع حياته ثمنا لهذا القرار، ودفعت مئات الآلاف حياتهم في حرب بين الشمال المؤيد والجنوب المعارض لإلغاء العبودية، ورغم انتصار الشمال على الجنوب استمرت العنصرية ضد السود الذين بدأت معركتهم لنيل حريتهم ودفع كثير منهم حياتهم من أجل الحرية كمارتن لوثر، ومالكوم إكس وسواهما، وجاء أوباما كرئيس إفريقي بعد خمسة قرون تقريبا من بداية تجارة الرق كرجل إفريقي يحكم الولايات المتحدة والذي اعتبر بأنه انتصار للسود في أمريكا. وما هو ملفت للنظر أن في عام اكتشاف أمريكا في 1492 صادف طرد آخر عربي من غرناطة وهو أبو عبد الله الصغير الذي قالت له أمه عندما رأته يبكي على ملكه:" تبكي على ملكك كالنساء لم تستطع حمايته كالرجال". بعد خمسة قرون أصبحت أمريكا سيدة العالم، وصار العرب في قعر الأمم يتناحرون، يتقاتلون، يعيشون كالقطيع تحت حكام ظالمين يعاملون رعاياهم كحيوانات حلال ذبحها، وعندما انتفضوا ضد حكامهم، كما انتفض السود وأمريكيو الشمال ضد العبودية، قامت بين العرب حروب قتل فيها الملايين ودمرت البلاد وشرد أهالوها في أركان الأرض الأربعة، ولا يزال القتل والترويع والتجويع والتهجير قائما ونحن في القرن الثاني والعشرين بعد الميلاد، وكل هذا أمام أعين أسياد الكرة الأرضية من روس وأمريكان وأوربيين والذي يدعون حرصهم على حقوق الانسان والحيوان، ويدعون للديمقراطية وحرية الشعوب. ونرى اليوم أن دولة كبرى كروسيا تريد ان تبتلع دولة أصغر منها كأوكرانيا، ودولا عربية تقوم جاهدة بدعم الجلاد بشار الأسد ضد ضحاياه، وتدعم إسرائيل على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، ودول أخرى كالصين والهند ومينامار يجزرون بمسلميهم وكأنهم سود الأمس في أمريكا.. أما آن الأوان اليوم ونحن في يوم التذكير بالعبودية أن نقف دقيقة تأمل وننصف القتيل والمعذب والمهجر ضد جلاديه؟