الخطط العسكرية التي وضعها الروس منذ شهور عدة لغزو أوكرانيا، والتي على ضوئها طمأنوا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن الغزوة لن تستغرق أكثر من يومين وبعض يومين، وستكون أوكرانيا قد مسحت من الخارطة العالمية وتصبح ذكرى من الماضي بعد احتلال العاصمة كييف، وتعيين رئيس وحكومة تابعين لأوامر الكرملين. لكن حسابات الحقل ليست بالضرورة تطابق حسابات البيدر، والجيش الروسي الذي اجتاح الأراضي الأوكرانية بفائض من الزاد والعتاد والرجال يصطدم اليوم بمقاومة أوكرانية لم تكن بالحسبان، وأن الغزوة التي كانت في مخططات قادة موسكو ستستغرق يومين وبعض يومين، ستستغرق وقتا أطول مما خطط لها، وخسارة الجيش الروسي بالرجال والعتاد تعاظمت بشكل يتعارض مع التصورات الأولى للحملة. فالمقاومة الأوكرانية نجحت في تكبيد الجيش الروسي الجرار خسارات كبيرة في العتاد والأرواح، وهذا قبل أن تنخرط في حرب شوارع بعد اجتياحها للمدن وخاصة كييف، والتي من المعروف أن حرب الشوارع تحتاج لجيش متمرس عليها، والخسارة فيها بالأرواح كبيرة. ولتحاشي الخسارة الكبيرة في الجنود الروس التي من شأنها أن تنعكس سلبا على شعبية بوتين، وعلى الوضع الداخلي في روسيا، فكر زعماء الروس بأنه من الأفضل استبدال جثث الجنود القتلى الروس المحتملين بجثث مرتزقة سوريين جندهم النظام السوري لخدمة النظام الروسي ضمن منطق تبادل الخدمات بعد أن قام الروس بإنقاذ نظام بشار الأسد من السقوط تحت ضربات الثوار السوريين، جاء الدور اليوم على النظام السوري أن يرد الجميل بإرسال مرتزقته، ومرتزقة الميليشيات المنضوية تحت سيطرته لإنقاذ حليفه من ورطة حرب الشوارع المكلفة بالأرواح، لأن القتلى المرتزقة مهما كان عددهم لن يكن لهم أي تأثير على شعبية النظام السوري لأنها أساسا في الحضيض، ولا على الوضع الداخلي في سوريا فنظام المخابرات يقمع بشكل وحشي أية معارضة له. وتشير المعلومات الأولية أن أكثر من 16000 مرتزق سينشرون في المدن الأوكرانية التي ينوي نظام موسكو اجتياحها. إضافة إلى ذلك فإن هؤلاء المرتزقة تمرسوا على حرب الشوارع في سوريا، وسيبلون بلاء حسنا في المدن الأوكرانية. وهذه العملية لم تعد سرا إذ اعترف بها بوتين نفسه وسمح بفتح باب التطوع لمن رغب في ذلك مقابل ثمن بخس لا يتعدى 300 دولار للمتطوع إذا بقي حيا ولا تعويض ولا عودة لجثته إذا لم يبق حيا، وبالطبع فإن شحن المتطوعين السوريين إلى إوكرانيا يتم بموافقة النظام السوري الذي يؤمن كل التسهيلات. بالمقابل فإن الدول الغربية تخشى أن ترسل متطوعين لدعم الأوكران كي لا تتخذها موسكو كذريعة لتوسيع رقعة القتال وزج الغرب فيها. وإذا دلت عمليات تجنيد المرتزقة على شيء فإنها تدل على أن الغزوة الروسية لأوكرانيا سيطول أمدها ما دامت المقاومة الأوكرانية مستمرة في مواجهة الغازي.