لاجئون: وزنان ومعياران

كشف الغزو الروسي لأوكرانيا حقيقة التعامل الدولي فيما يخص لاجئي الحروب، ففي الوقت الذي فتحت كل الدول الأوربية أبوابها لكل اللاجئين الأوكران الفارين من الحرب، والذين تتصاعد أعدادهم بوتيرة كبيرة، وتهيئة الأمكنة المريحة لهم ضمن أبنية دافئة، وينامون على أسرة، وتوزع عليهم فوريا الملابس والأغطية والأغذية، يتبادر إلى الذهن كيف استقبل اللاجئون السوريون على حدود الدول الأوربية. فقد وثقت عدسات التصوير كيف قام ملايين السوريين المشي على الأقدام يحملون أمتعتهم وأبناءهم مئات الكيلومترات، ليصلوا إلى حدود بعض الدول الأوربية التي أوصدت حدودها دونهم وتركتهم في العراء تحت برد شتاء قارس قضى على بعضهم بردا أو جوعا، أو غرقا بعد أن رفضت بعض السلطات استقبال قواربهم على سواحلها. مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة قدرت عدد اللاجئين اليوم خارج سورية بما يقارب سبعة ملايين لاجيء، يعيش معظمهم تحت خيام هالكة، وقد تسببت العواصف المطرية والثلجية هذا الشتاء بكثير من المآسي والمعاناة وخاصة للأطفال الذين لم يشاهدوا في حياتهم سوى الخيام تحيط بهم التي لا تقي قرا ولا حرا، مع نقص الأغذية، والحرمان من التعليم. أياكي إيتو، ممثل مفوضية اللاجئين في لبنان، قال "إن ارتفاع الأسعار بشكل كبير بعد انخفاض أسعار العملة، أصبح مجرد البقاء على قيد الحياة بعيدا عن متناول عائلات اللاجئين السوريين. وأن هذه الأزمة سيكون لها تأثير طويل الأمد على رفاه اللاجئين ومستقبل أطفالهم، كما أنها تهدد المكاسب التي تم تحقيقها في السابق مثل إمكانية الوصول إلى الخدمات الأساسية، وفي ظل عدم وجود تحسّن في الأفق، فإن المزيد من الأطفال يخلدون إلى النوم وبطونهم خاوية" وما يعانيه اللاجيء السوري في لبنان يعاني منه اللاجيء السوري في أماكن تواجده الأخرى، أما في الداخل السوري حيث دفع القصف الروسي وقوات النظام ملايين السوريين إلى النزوح والعيش تحت الخيام. وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة مارتن غريفيث قال:" إن 13.4 مليون شخص يحتاج إلى المساعدة في جميع أنحاء سورية. وهذا الوضع يستمر بعد عشر سنوات من المعاناة دون حل. وبالطبع فإن حالة السوريين تنطبق على شعوب أخرى عانت وتعاني من ويلات الحروب والفقر والبطالة كأفغانستان، وجنوب السودان، ومالي، والمكسيك، وسواها من الدول. هذه المآسي الإنسانية التي كانت أسبابها البعيدة إلى الحقب الاستعمارية ونهب ثرواتها، وإلى دعم الغرب لأنظمتها التابعة لها والتي تعيث في البلاد والعباد فسادا.